السوري غازي المحمد… من تجربة الموت إلى أجواء الروحانية في الحج
يشارك الحاج السوري غازي المحمد قصة رحلته الروحية لأداء فريضة الحج، بعد أن نجا من حافة الإعدام في سجون النظام السوري السابق، موضحاً أنها كانت التجربة الأجمل في حياته وسط أجواء الكعبة المباركة وخدمات رائعة. لم يستطع المحمد كتمان مشاعره التي تداخلت فيها الذكريات المؤلمة مع الفرح والسكينة، متحدثاً عن الكرم السعودي الذي أحاط به ودعم شجاعته، قائلاً: “ما حصلت عليه من ترحيب ودعم ساعدني في شفاء جراحي، وأعاد لي شيئاً من هويتي المفقودة. على الرغم من الألم، وجدت في هذا الحج بارقة أمل جديدة في الحياة”.
من لحظات الخطر إلى لحظات السعادة
في واحدة من أسعد لحظات حياته، عبّر المحمد عن مشاعره أثناء لقائه مع وزير الحج والعمرة السعودي، الدكتور توفيق الربيعة، حيث أكد أن تواضعه وكرمه لا يوصف. “منذ أن وطأت قدمي المملكة، وجدت ترحيباً رائعاً من الجميع، وكرم لا حدود له، وتجربة إنسانية تتجاوز توقعاتي”، أضاف المحمد. يستذكر كيف أن أجواء مكة قد مهدت له السكينة، وأن هذه الأماكن المقدسة خففت من أوجاعه، قائلاً: “لقد أنقذتني من ذكريات مؤلمة كانت تلاحقني في الزنزانة”.
يستعيد المحمد تفاصيل مرعبة من فصول اعتقاله، موضحاً أنه قُبض عليه بينما كان يستخرج جواز سفر لابنته، وتم اقتياده مع صديق له إلى أفرع الأمن، حيث أمضى 33 يوماً في زنزانة ضيقة. وقد عانى من تعذيب نفسي وجسدي قبل أن ينتقل إلى معتقل آخر أمضى فيه خمسة أشهر، تضاعف فيها العنف، خاصة في الأيام الأخيرة قبل الإعدام. يتذكر لحظة اعتقاله قائلاً: “كنت أشعر وكأنني أعيش في كابوس حقيقي، حيث كنت أفكر في الانتحار، لكن خوفي من الله كان يمنعني”.
بعد خروجه من المعتقل، عانى غازي من أمراض عدة بسبب ظروف تعذيبه، لكنه يعبر عن شكره لله على نجاته. ” مظهري الحالي أمام الكعبة يعكس القوة والإرادة، بعد كل ما مررت به”، يقول المحمد. ويردف: “عندما خرجت من المعتقل، كان حلمي الأول هو زيارة بيت الله الحرام، والآن، هذا الحلم قد تحقق، وأنا في أروع لحظات حياتي”.
في ختام حديثه، يصف غازي محنة الاعتقال بأنها كانت تعسفية وعشوائية دون أي مبرر قانوني، ليبقى مجرد رقم في نظام قاس. ويؤكد أن الألم كان منهجياً وغير إنساني، لكنه وجد في رحلته الحالية رسالة أمل وقوة، موضحاً أن الإيمان لا يتزعزع مهما كانت الظروف.