خدمة الحرمين الشريفين في المملكة العربية السعودية
تتمتع المملكة العربية السعودية بمسؤولية تاريخية ودينية كبيرة في خدمة الحرمين الشريفين ورعاية ضيوف الرحمن. يُعد الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، ليس فقط عبادة تؤدى مرة في العمر، بل يمثل أيضًا أكبر تجمع روحي عالمي يعكس وحدة المسلمين ومساواتهم. تولي المملكة خدمة الحجاج أهمية خاصة، وتعتبرها أمانة قبل أن تكون مجرد واجب تنظيمي أو اقتصادي، مما يظهر من خلال تغيير لقب ملك المملكة العربية السعودية إلى “خادم الحرمين الشريفين”.
رعاية ضيوف الرحمن
على مدار أكثر من تسع عقود، استثمرت المملكة مواردها المالية والبشرية في تقديم أفضل الخدمات للحجاج والمعتمرين، حيث تجاوزت نفقات المسجد الحرام وحده خلال السنوات الأخيرة 200 مليار ريال سعودي. شملت هذه الاستثمارات مشاريع توسعة ضخمة، مثل قطار الحرمين والمطارات المخصصة، بالإضافة إلى المستشفيات الميدانية وتحسين البنية التحتية والخدمات الصحية والأمنية، دون فرض أي رسوم مالية، خاصة على حجاج الدول ذات الدخل المحدود.
اهتمت المملكة بتعزيز تجربة الحاج والمعتمر، مما جعلها نموذجًا عالميًا في إدارة التحشيد وتفويج الجماهير، إذ تجتمع خلال موسم الحج أكثر من 250 ألف موظف ومتطوع لتقديم أفضل الخدمات، بما في ذلك توزيع الملايين من الوجبات والمياه، وتوفير الأمن والرعاية الصحية المجانية التي تُقدر قيمتها بمليارات الريالات.
مع هذه الجهود، تم الإعلان عن مبادرة “طريق مكة”، التي تسهل إجراءات الحجاج والمعتمرين في بلدانهم، كما تم تأسيس برنامج خاص تحت مسمى “برنامج خدمة ضيوف الرحمن” ضمن رؤية المملكة 2030، مع التركيز على تحسين جودة التجربة السياحية، إلى جانب الأبعاد الاقتصادية المتزايدة حول الحج والعمرة كمصادر رئيسية للدخل غير النفطي.
تشير التوقعات إلى أن العائدات المرتبطة بالحج والعمرة قد تصل إلى أكثر من 50 مليار ريال بحلول عام 2030، مقارنة بحوالي 30 مليار ريال حاليًا. كما أكد وزير الحج والعمرة، الدكتور توفيق الربيعة، على زيادة نسب المعتمرين بنسبة 11% خلال الربع الأول من عام 2025، مما يعزز الاستثمار في قطاعات الإيواء والنقل والسياحة والخدمات الرقمية.
تعتبر مواسم الحج فرصة لتوليد العديد من الوظائف وتنمية قطاعات اقتصادية حيوية، بما في ذلك السياحة الإسلامية وريادة الأعمال التقنية في الخدمات الدينية. تتميز المملكة بقدرتها على تحقيق توازن نادر بين تقديم رسالة دينية خالصة وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، دون التأثير على روحانية هذه الشعيرة، مما يجعل الحج عبادة في جوهره، بينما تمثل التنظيم الجيد والاستثمار الذكي عوامل مهمة في تعزيز الاقتصاد الوطني.