التطورات السياسية في سوريا وتأثير القوى الإقليمية
وقعت أحداث جديدة في منطقة الشرق الأوسط في 14 مايو، حيث تمثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس السوري أحمد الشرع خلال زيارة ترامب إلى الرياض. في أعقاب اللقاء، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستقوم برفع العقوبات عن سوريا واستعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. بعض المراقبين يرون أن هدف ترامب كان خلق بيئة تسهل وصول المساعدات الضرورية وإعادة الإعمار، بينما يعتبر آخرون أن التطبيع مع الشرع يمثل تطورًا خطيرًا، حيث يجب اختبار اعتداله بدلًا من قبوله بشكل عاجل. وعلى الرغم من وساطة ولي العهد السعودي في اللقاء، اعتبر بعض المحللين أن الاجتماع يمثل انتصارًا لتركيا التي راهنت على الشرع وجماعته ‘هيئة تحرير الشام’ منذ عام 2017. ومع ذلك، ليس من المجدي تحديد المنتصر أو الخاسر في الجغرافيا السياسية، حيث القضايا الأكثر أهمية بالنسبة للسوريين وزعيمهم الجديد تتعلق بنوع البلاد التي يرغبون فيها والأطراف الإقليمية القادرة على مساعدتهم في تحقيق ذلك.
الأحداث الجارية وما يترتب عليها من تداعيات
على الرغم من الضجة التي أحاطت بلقاء ترامب مع الشرع، فإن الصراع من أجل سوريا قد بدأ للتو. تحاول عدة دول التأثير على مسار الأحداث في سوريا، ولكن دولتين فقط، تركيا والسعودية، تعتبران اللاعبتين الرئيسيتين في هذا السياق. هناك العديد من العوامل المؤثرة، مثل المنطقة العازلة التي أقامتها إسرائيل والتزامها بحماية الدروز، فضلاً عن المحادثات غير الرسمية بين حكومة نتنياهو والقيادة الجديدة في دمشق. على الرغم من أهمية هذه العوامل، فإن النفوذ الإسرائيلي لن يكون حاسمًا في تحديد المسار المستقبلي لسوريا.
تشعر مصر والإمارات بالقلق إزاء النظام الجديد في سوريا، ولكن لم تسعيا لتشكيله أو تعطيله. يبدو أن الإدارة الأمريكية تحت قيادة ترامب راضية عن رفع العقوبات وتطبيع العلاقات مع سوريا، مما يعتبر خطوة هامة، لكن هناك عزيمة على تجنب الانخراط بشكل أعمق في عملية الانتقال بسوريا. بينما تختلف الأمور بالنسبة لتركيا والسعودية، حيث يمتلك كل منهما الموارد والمصالح التي تتيح لهما التأثير على مستقبل سوريا بعد الأسد. بعض هذه المصالح مشتركة، مثل دفع إيران للخروج من الشام، ولكن من غير الواقعي القول إن سوريا ستكون مشروعًا مشتركًا بين البلدين.
مع وجود انعدام ثقة قائم بين الرياض وأنقرة، فإن طموحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تثير القلق في الرياض، بالإضافة إلى الدعم التركي لجماعة الإخوان المسلمين. وفي الوقت نفسه، تتحرك تركيا والسعودية في اتجاهات متباينة، مما يجعل السوريين في وضع أفضل تحت وصاية السعوديين بدلاً من تأثير أنقرة.
تُعدّ السعودية، من جوانب عديدة، أكثر شمولية من جارتها. تواصل المملكة تحركاتها نحو تحرر أكبر بينما تركيا تتجه نحو الاستبداد، رغم إجراء الانتخابات الدورية هناك، فإنها أصبحت محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد. على الرغم من التقدم الذي يحرزه السعوديون في حقوق المرأة، إلا أن وضع النساء في تركيا يتدهور، مما يجعل البيئات التي يفضلها السوريون متنوعة ومعقدة. إذا كانت رؤية الشرع في بناء سوريا جديدة جمعية، فسوف يجد نفسه وشعبه في وضع أفضل مع السعوديين إلى جانبه.