الانقلاب الصيفي في المملكة العربية السعودية
شهدت سماء المملكة العربية السعودية وعدد من الدول في النصف الشمالي للكرة الأرضية خلال فجر يوم الجمعة الماضية حدثاً فلكياً مهماً، وهو الانقلاب الصيفي الذي يحدث عند وصول الشمس لأقصى ميل شمالاً، والذي وقع في الساعة 05:42 صباحاً بتوقيت مكة المكرمة، معلناً بداية فصل الصيف الفلكي لهذا العام.
التحول الزمني في حركة الأرض
في هذه اللحظة، ستتواجد الشمس عمودية تماماً على مدار السرطان، الذي يقع عند دائرة عرض 23.5 درجة شمالاً. هذا الأمر يؤدي إلى سقوط أشعة الشمس بشكل مباشر على هذه المنطقة، مما يسبب أقصر ظلال في السنة وأطول نهار، مما يعني تميز هذا اليوم عن الأيام الأخرى في نصف الكرة الشمالي. وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة، أن الانقلاب الصيفي يعد نقطة تحول موسمية في حركة الأرض حول الشمس، مما يؤدي لتغيرات واضحة في طول النهار والليل، حيث يعتبر هذا اليوم الأطول من حيث ساعات الإضاءة الشمسية.
خلال هذا اليوم، تشرق الشمس من أقصى الشمال الشرقي وتغرب في أقصى الشمال الغربي، مما يضفي على مسارها في السماء طابعاً مميزاً، فهي تمر بأعلى قوس لها، مما يجعل موقعها في أقصى ارتفاع على مدار السنة، خصوصاً في المناطق الواقعة شمال خط الاستواء. ويعكس ميل محور الأرض بزاوية 23.5 درجة نحو الشمس في هذا الوقت من السنة، تأثيراً شديداً يؤدي إلى تسليط ضوء الشمس بشكل مباشر على النصف الشمالي للكرة الأرضية، بينما يميل النصف الجنوبي بعيداً عنها، مما يجعل ليله هو الأطول، ويبدأ فيه موسم الشتاء.
من الناحية الفلكية، يستمر فصل الصيف هذا العام لمدة 93 يوماً و15 ساعة و37 دقيقة، وينتهي مع موعد الاعتدال الخريفي في شهر سبتمبر، الذي سيشهد بداية توازن ساعات الليل والنهار مجدداً، قبل الانتقال لمراحل جديدة من تغير الفصول. ورغم أن بداية الصيف فلكياً تعتمد على موقع الشمس، إلا أنها تختلف عن التعريف المناخي الذي يعرف الصيف بأنه يمتد من الأول من يونيو حتى نهاية أغسطس.
هذا التفاوت في المواعيد يحدث نتيجة للاختلاف بين السنة الميلادية التي تتكون من 365 يوماً والسنة المدارية التي تقترب من 365.2422 يوماً، بالإضافة إلى تأثيرات جاذبية الأجرام السماوية الأخرى. وقد تم إدخال تعديل السنة الكبيسة لإعادة التوازن بين التقويمين.
ورغم اعتبار هذا اليوم الأطول من حيث عدد ساعات النهار، إلا أنه ليس بالضرورة الأكثر حرارة، حيث تصل درجات الحرارة لأعلى مستوياتها بعدة أسابيع من الانقلاب الصيفي بسبب التأخر الموسمي. تتمتع الأرض والمحيطات بوقت لامتصاص وتخزين الحرارة، مما يؤدي لتأجيل ذروة الحرارة.
لا تقتصر أهمية هذا الحدث الفلكي على الخبراء فقط، بل تمتد لتشمل المزارعين والمعماريين وعشاق السماء، وذلك بسبب ارتباطه بالتقويمات الزراعية وبداية مواسم الحصاد في العديد من الثقافات. كذلك، يمثل فرصة ضرورية لمراقبة مظاهر الشمس وتأثيرها على ظلال الأشياء.
وتتابع الهيئات الفلكية في المملكة مثل هذه الأحداث بدقة لتحديد التغيرات المناخية المرتبطة بها، مما يؤثر بصورة مباشرة على أنماط الرياح والمناخ الذي سيشهد ارتفاعاً تدريجياً في درجات الحرارة.
في النهاية، يعتبر توقيت الانقلاب الصيفي أداة هامة لتحديد مواقيت الصلاة والأوقات المتعلقة بالحياة اليومية، مما يجعله محط استفادة كبيرة للجميع.
اترك تعليقاً