السعودية في فخ المواجهة مع إيران: هل وقعت إسرائيل في نفس المصيدة؟

تحولات العلاقة بين السعودية وإيران: دبلوماسية الحياد الاستراتيجي

على مر العقود، سعت القوى الغربية، بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى دفع السعودية نحو مواجهة مباشرة مع إيران، مستفيدة من التوترات التاريخية والفوارق الثقافية بين البلدين من أجل تنفيذ أجندتها الإقليمية. ومع ذلك، جاء عهد جديد من القيادة السعودية مع تحول استراتيجي في سياسة البلاد، حيث عملت الرياض على تجنب هذا الفخ عبر اعتماد دبلوماسية تركز على الحياد الاستراتيجي، مما أفضى إلى استئناف العلاقات مع إيران في مارس 2023 بوساطة صينية، مما أضعف من نفوذ الغرب وإسرائيل في توجيه السياسات الإقليمية.

في خضم التصعيد المستمر بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي، أظهرت السعودية مرونة بلاغية لحماية مصالحها الوطنية، متجنبة أي صراع مكلف مع إيران، أو أي اتفاق مع إسرائيل يضفي عليها غطاء عربياً وإسلامياً، مع الحفاظ على تحالفها مع الولايات المتحدة. وقد تركت الرياض الغرب، المتمثل في إسرائيل وأميركا، يواجه مشاكله مع طهران، داعية إلى خفض التصعيد والحوار، على الرغم من مخاوفها من برنامج إيران النووي المشكوك في سلميته.

دبلوماسية جديدة في مواجهة التحديات الإقليمية

بدأت مؤشرات التوتر تُظهر واضحة عقب الهجوم على منشآت “أرامكو” في 2019، والذي كشف خطط إيران ووكيلها ضد المصالح الحيوية للسعودية. على الرغم من توقعات التصعيد، اختارت الرياض كظم غيظها وإعادة تقييم سياستها، مدركة بأن المواجهة ستكون مستنزفة للطرفين. تحولت هذه الاستراتيجية إلى اتفاق 2023 الذي أعاد العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران بعد قطيعة استمرت منذ 2016، وشمل تبادل السفراء وتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني.

هذا الاتفاق ساهم في تثبيت وقف إطلاق النار في اليمن، حيث دعمت إيران الحوثيين فيما قادت السعودية تحالفًا ضدهم، مما أحبط آمال الغرب وإسرائيل في زج الرياض في صراع مع طهران. بذلك، حققت السعودية نجاحاً في بناء حياد استراتيجي، بينما حافظت على علاقاتها العسكرية مع الولايات المتحدة.

المحلل السياسي إياد الرفاعي يرى أن السعودية اختارت حل مشاكلها بواسطتها، مما أضعف من الدور التقليدي للاعبين الدوليين الذين لم تعجبهم المصالحة بين أكبر دولتين في الإقليم. العلاقة المتوازنة بين السعودية والغرب جعلت واشنطن تدرك أهمية العلاقة مع الرياض لضمان تأثيرها في المنطقة، خاصة مع نضوج اتجاه السعودية لتنويع تحالفاتها.

في هذه الأوقات الحرجة، أظهرت السعودية موقفها الحازم من الهجمات الإسرائيلية على إيران، مما يعكس وضوح حيادها والاستعداد للحفاظ على الاستقرار في المنطقة. كما أن دعم الرياض للعلاقات الدبلوماسية مع إيران يعكس عزمها على توسيع نفوذها كقوة إقليمية تدعو للسلام، بعيدًا عن الاستقطابات السياسية.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *