في خطوة عدها البعض تاريخية، أطلقت المملكة العربية السعودية مشروع “درب الهجرة النبوية”، الذي يقدم تجربة فريدة تحاكي مسار النبي محمد –صلى الله عليه وسلم– خلال هجرته من مكة إلى المدينة. وقد تم الإعلان عن هذا المشروع في احتفال مهيب بجوار جبل أحد، بحضور الأمير سعود بن مشعل، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، إلى جانب عدد من العلماء والمسؤولين.
درب الهجرة النبوية
يأتي إطلاق هذا المشروع كجزء من برامج رؤية السعودية 2030، التي تسعى لتعزيز الأبعاد الروحية والثقافية لتجربة الزوار، وربط المسلمين حول العالم بتاريخ نبيهم عبر إحياء حدث الهجرة. يتوسع المسار الجديد على مدى 470 كيلومترًا بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويشمل أكثر من 40 موقعًا تاريخيًا تم اختيارها بعناية من قبل دارة الملك عبد العزيز لضمان دقة توثيق المواقع التي مر بها النبي وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
مسار الهجرة
سلط الأمير سلمان بن سلطان الضوء على أهمية رعاية المدينتين المقدستين في جهود الحكومة لتعزيز الارتباط بالسيرة النبوية، مشيرًا إلى المشروعات التطويرية التي تشمل المواقع التاريخية ويهدف الجميع إلى تعزيز تجربة الزوار وتعميق زياراتهم للبلاد. يتضمن المشروع خمس محطات رئيسية تمثل أبرز معالم الهجرة: غار ثور، ووادي قديد، ووادي كلية، ووادي القاحة، ومسجد قباء، وهو أول مسجد أُسس على التقوى. هذه المواقع ستتحول إلى مراكز جذب روحي وثقافي مجهزة لاستقبال الزوار عبر تجارب تفاعلية ومجسمات رقمية ومتاحف حية تسرد أحداث تلك الرحلة.
تجربة على خُطاه
خصصت الجهات المعنية تجربة تسمى “على خُطاه”، وهي تحاكي رحلة الهجرة على مدى تسعة أيام، حيث يمكن للزوار القيام بها سيرًا على الأقدام أو باستخدام الإبل أو وسائل نقل أخرى. تم تجهيز ثمانية مخيمات للمبيت وأكثر من خمسين محطة استراحة موزعة على مسافة خمس كيلومترات، بالإضافة إلى مطاعم ومتاجر ومراكز طبية وأمنية، ومتحف متخصص حول “الهجرة النبوية”.
مشروع الهجرة
سيتم تنفيذ المشروع تحت إشراف هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة، بالتعاون مع وزارات السياحة والحج والعمرة، وبرنامج جودة الحياة، وهيئة الترفيه وشركة صلة المطور المنفذ للمشروع. تم توقيع اتفاقيات تعاون شاملة خلال حفل الإطلاق بحضور عدد من كبار المسؤولين ورجال الدين، مشددين على أهمية التكامل لضمان تحقيق الأهداف المنشودة.
إقبال على الفكرة
بحسب تصريحات تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، فقد استقبل المشروع في أسبوعه الأول أكثر من 300 ألف طلب من دول متعددة مثل ماليزيا وتركيا وسنغافورة، ومن المتوقع أن تصل الطاقة الاستيعابية للمشروع إلى 12,000 زائر يوميًا عند بداية التنفيذ الفعلي في شهر نوفمبر القادم.
السياحة الروحية
تُعتبر هذه المبادرة تحولا جذريًا في مفهوم السياحة الروحية، حيث انتقلت التجربة من مجرد زيارة للمساجد إلى تجربة مباشرة لمعايشة السيرة النبوية، مما يعزز ارتباط المسلمين بتاريخهم ودعم الاقتصاد الوطني السعودي. تأمل الجهات المنظمة أن تصبح تجربة “على خُطاه” نموذجًا يُحتذى به عالميًا، يجمع بين التاريخ والتقنية، ويعزز التواصل الروحي والثقافي بين المؤمنين.
اترك تعليقاً