التضخم في الصين يتراجع للشهر الرابع على التوالي: استمرارية الانكماش الاقتصادي

انخفضت أسعار المستهلكين في الصين للشهر الرابع على التوالي، في ظل تصاعد حروب الأسعار، حيث لم يكن لتحسن الإنفاق خلال عطلتين وطنيتين تأثير كافٍ لتعويض ضعف الطلب المحلي. وكشفت بيانات المكتب الوطني للإحصاء الصيني يوم الاثنين أن مؤشر أسعار المستهلكين تراجع بنسبة 0.1% في مايو مقارنة بالعام الماضي، وهي نفس نسبة الانخفاض التي سجلت في الشهر السابق. بينما كان متوسط توقعات الاقتصاديين في استطلاع بلومبرغ يشير إلى تراجع نسبته 0.2%.

استمرار الانكماش في الصين

استمر انكماش أسعار المنتجين أيضًا للشهر الثاني والثلاثين على التوالي، حيث سجل مؤشر أسعار المنتجين انخفاضاً بنسبة 3.3% مقارنة بأبريل، وهو أدنى مستوى شهدته الأسعار خلال عامين. ويرجّح أن يستمر خطر الانكماش المستمر في الصين لعدة أشهر قادمة، نتيجة تراجع إنفاق المستهلكين بعد حالة الركود الطويلة في قطاع العقارات، وزيادة المنافسة بين الشركات عبر خفض الأسعار بشكل كبير.

في مثال حديث على هذه المنافسة الشديدة، قامت شركة “بي واي دي” (BYD Co) بتخفيض أسعار حوالي 12 طرازًا من سياراتها الكهربائية والهجينة القابلة للشحن بنسبة تصل إلى 34%، مما أثار المخاوف بشأن حدوث موجة جديدة من الخصومات في سوق السيارات الكهربائية. على الرغم من ذلك، فقد أثرت عطلتان وطنيتان في بداية ونهاية مايو بشكل مؤقت على السوق، حيث شهدت خدمات السفر زيادة ملحوظة خلال تلك الفترة.

الضغط على الاقتصاد بسبب الضغوط السعرية

وأوضحت دونغ ليجوان، كبيرة الإحصائيين في المكتب الوطني للإحصاء، أن الانخفاض الكبير في أسعار المنتجين يعود إلى قاعدة المقارنة العالية من العام الماضي، بالإضافة إلى تراجع الأسعار العالمية للمنتجات النفطية والكيماوية. كما أن توافر المخزون المحلي من الفحم والمواد الخام الأخرى ساهم أيضًا في مزيد من الضغوط على المؤشر.

وعلى صعيد متصل، فإن المخاطر المتزايدة الناتجة عن التوترات التجارية مع الولايات المتحدة قد تعيق نمو الأسعار، على الرغم من تأكيد الطرفين على استمرارية المحادثات التجارية. وقد يُؤدي التراجع في الوظائف والدخل بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية إلى تقليل قدرة المستهلكين الصينيين على الإنفاق، مما سيدفع المصنّعين ومقدّمي الخدمات إلى خفض الأسعار.

وقد حذر خبراء من مؤسسة مورغان ستانلي من أن الانكماش يزداد عمقاً، مشيرين إلى إمكانية تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني سريعًا في النصف الثاني من العام الجاري مع تراجع الصادرات وضعف شهية الاستهلاك.
تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن متوسط تضخم أسعار المستهلك في الصين قد يصل إلى مستوى صفر هذا العام، وهو الأدنى بين ما يقرب من 200 دولة، مما يعد أضعف قراءة للصين منذ عام 2009.

وتشير أحدث الاستطلاعات الصادرة بشأن مديري المشتريات إلى أن أسعار الإنتاج قد انخفضت في كل من قطاعي الصناعة والخدمات، حيث بلغت معدلات الخصومات في قطاع الخدمات أعلى مستوياتها منذ ثمانية أشهر. ويتوقع الخبراء أن تستمر الضغوط الانكماشية في الصين، مع توقع ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة 0.3% فقط في عام 2025 مقارنة بالعام السابق، وهو أدنى مستوى منذ بداية استطلاع بلومبرغ لهذا المؤشر.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *