الذكرى الـ74 لاغتيال الملك عبدالله: تذكير بتاريخ مؤلم في الأخبار المحلية

اغتيال الملك عبد الله: تاريخ وحلم الوحدة

اعتمد الأمير والملك عبد الله في جميع أدواره السياسية والعسكرية، سواء قبل أو بعد مغادرته الحجاز، على مبدأ الواقعية والاعتدال والمرونة. ويُعتبر من أبرز قادة المدرسة السياسية المشرقية التي حملت شعار “خذ وطالب”، الذي فرضته موازين القوى المختلة لصالح الدول الاستعمارية. حيث اتجهت القيادات الوطنية في عموم المشرق العربي نحو النضال السياسي لتحقيق استقلالها بعد فشل العمل المسلح.

جوانب الوحدة العربية

كان حلم سوريا الكبرى يراود الأمير فيصل بن الحسين، الذي اعتبر أنه لا يمكن دمج الحجاز وسورية في حكومة واحدة. لكن بعد دخول دمشق وإعلان الحكومة العربية، استسلم لقبول حكم جزء من سورية الكبرى. وفي أعقاب خروجه من دمشق، بدأت مرحلة جديدة من التعامل مع المشروع مع الأمير عبد الله بن الحسين، الذي أعلنه مجددًا بعد تنصيبه أميرا على شرقي الأردن.

استمر عبد الله بن الحسين في التعبير عن طموحه السياسي، مشيرًا إلى أن حكم شرقي الأردن ليس سوى مرحلة مؤقتة تجاه الوحدة السورية الكبرى. ورأى أن توحيد أقطار بلاد الشام يُمثل خطوة مهمة نحو الوحدة العربية. وعندما وُجهت له الاتهامات بالتحيز الشخصي تجاه الوحدة السورية، نفى ذلك وأبدى استعداده للقبول برأي سكان الأقاليم الشامية حول نظام الحكم الذي يختارونه، سواء أكان ملكيًا أم جمهوريًا.

كان الموقف السياسي الأردني الذي مثله الأمير عبد الله مرتكزًا على ضرورة رفض جميع الاتفاقات الغربية التي ساهمت في تجزئة البلدان، وخاصة تلك التي قسمت بلاد الشام إلى وحدات سياسية مختلفة. وقد عبر عن ذلك بقوله: “سوريا في اعتقادي هي سوريا الكبرى – ديار الشام المعروفة بالتاريخ وليست سوريا التي يُعرف عنها اليوم بمثل ما خطط لها الاستعمار.”

واجه المشروع معارضة صهيونية وعربية وغربية، ومع ذلك، لم يفقد الأمير الأمل في تحقيق هذه الأهداف، معتقدًا أن الزمن قادر على تغيير الأوضاع، وأن الأهداف التي يصعب تحقيقها اليوم لا يوجد سبب للتخلي عنها.

تسبب المشروع في تشكيل تحديات أمام الجامعة العربية، حيث انتقد عبد الله مشروعها وشكك في جدواها. رغم قبوله كأمر واقع يحاول تنسيق الجهود العربية، إلا أنه كان يسعى دومًا إلى شكل وحدوي يستند إلى وحدة سوريا الكبرى. ورغم الأمل الذي كان يعلق على الجامعة العربية، فقد واجه معارضة عربية أساسية، مما جعله ينظر إليها أيضًا كعائق لمشروعاته الوحدوية.

كان الملك عبد الله متقدماً على أقرانه في إدراك طبيعة الحركة الصهيونية ودعمها العالمي. ورأى أن الوجود الصهيوني في فلسطين هو سرطان يجب احتواؤه. وطالب بضرورة إقامة مملكة موحدة تشمل فلسطين والأردن، على أن يتمتع اليهود بحكم مختار في المناطق المحددة. لكن هذا العرض قوبل بالرفض من الطرفين.

تابع الملك عبد الله تطلعاته بعد تأييده لقرار التقسيم سنة 1947، إذ رأى أنه سيوسع ملكه. ورغم الإخفاق في تحقيق أهدافه، فقد حرص على إجراء اتصالات مع اليهود لتحقيق تسوية لقضية فلسطين، وهو ما كشفته الصحف في ذلك الوقت. هذه المفاوضات أدت إلى تكوين مؤامرة على حياته.

قبل اغتياله بأسابيع، ازدادت التحذيرات من مؤامرات في القدس وعمان، حيث أصر الملك على الذهاب للصلاة في المسجد الأقصى. ومع وصوله إلى المسجد، تعرض لإطلاق نار قاتل. تم توجيه الاتهام لعدة شخصيات واستمرت المحاكمات دون الوصول إلى حقيقة مطلقة حول الجناة بسبب تعقد القضايا والتوجهات.

تعددت الروايات حول من يقف وراء اغتيال الملك عبد الله، حيث أسفرت التحقيقات عن وجود خيوط تشير إلى المؤامرات العربية المتضادة مع بعض العناصر التي كانت تتبع الكواليس البريطانية. وما زالت الأبعاد الحقيقية وراء اغتياله تمثل لغزًا يتطلب البحث المستمر.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *