دراسات الفقر: لماذا غابت عن الساحة المحلية منذ 15 عاماً؟

دية يطالب الحكومة بإعلان نسب الفقر في الأردن

مالك عبيدات – طالب الخبير الاقتصادي منير دية الحكومة بكشف النسب الحقيقية للفقر في المملكة، متسائلًا عن أسباب تأخرها في نشر أي دراسات رسمية عن الفقر منذ عام 2010. وأشار دية في حديثه لـ الاردن24 إلى أن “قضية الفقر في الأردن لم تعد تخفى على أحد، بل أصبحت واضحة للعيان، مما يستدعي ضرورة الشفافية والمصارحة حول نسب الفقر والبطالة والتضخم، حيث تعكس هذه الأرقام الواقع الاقتصادي الذي يعاني منه المواطن”.
وأوضح دية أن “آخر دراسة رسمية عن الفقر صدرت منذ 15 عامًا، ومنذ ذلك الحين لم تصدر أي بيانات محدّثة، كما أن الحكومة لم تُجرِ أي مسح حديث يتعلق بنفقات ودخل الأسر منذ أكثر من 7 سنوات، رغم أن هذه الدراسات تُعدّ أساسية لتحديد خط الفقر”.
وبين أن “الجهات الرسمية تعتمد حاليًا على بيانات صادرة من البنك الدولي ومراكز دراسات أجنبية بدلاً من تقديم أرقام دقيقة ومحلية من دائرة الإحصاءات العامة”، مشددًا على ضرورة نشر هذه الأرقام بشكل علني لتكون مرجعًا لصنّاع القرار ومراكز الدراسات الاقتصادية.
وأكد أن “نسب الفقر تُعتبر مؤشرًا حقيقيًا لقياس نجاح أو فشل السياسات الحكومية، كما تظهر مدى قدرة الحكومة على تحسين دخل المواطن وتوفير أساسيات الحياة بأسعار معقولة”، مشيرًا إلى أن “بعض التقديرات غير الرسمية تشير إلى أن نسب الفقر في الأردن تتراوح ما بين 27% إلى 30% وربما أكثر”.
وأشار إلى أن “من الضروري أن تعلن الحكومة عند تسلمها لمهامها الأرقام المتعلقة بالفقر والبطالة والتضخم ومعدلات النمو الاقتصادي، كون هذه المؤشرات تشكّل أدوات مهمة لتقييم أداء الحكومات”.
كما نبه دية إلى أن “عدم الإعلان عن هذه الأرقام يُفقد المواطن الثقة في البرامج الحكومية، ويجعله عاجزًا عن قياس مدى تحسّن مستوى حياته المعيشية”، مُشيرًا إلى “الارتفاع المستمر في أسعار السلع الأساسية، وزيادة تكاليف الكهرباء والماء والتعليم والصحة، في مقابل ثبات أو انخفاض رواتب شريحة كبيرة من المواطنين”.
وأكمل: “التضخم السنوي الذي يتجاوز 2% تراكُم على مدى السنوات، ما أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف المعيشة، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع دون اتخاذ إجراءات واضحة سيؤدي إلى تفاقم نسب الفقر”.
ولفت دية إلى أن “نسبة البطالة وصلت إلى 21.3% وفقًا للإحصاءات الرسمية، حيث يتجاوز عدد العاطلين عن العمل 470 ألف شخص، مما يعدّ أحد الأسباب الرئيسية وراء الفقر”.
كما أوضح أن “مكافحة البطالة تتطلب تعزيز النمو الاقتصادي، وتحفيز القطاع الخاص، وزيادة المشاريع الإنتاجية”. وأشار إلى أن “هناك 90 ألف متقاعد يتقاضون رواتب تقل عن 190 دينارًا، في حين أن الحد الأدنى للأجور يبلغ 260 دينارًا، بينما تُقدّر تكلفة خط الفقر الحقيقي للأسرة الواحدة بحوالي 700 إلى 800 دينار شهريًا، مما يوضح الفجوة الكبيرة بين الدخل وتكاليف الحياة”.
وأختتم دية حديثه بالتأكيد على أن “المؤشرات الاقتصادية مثل نسب الفقر والبطالة والتضخم والنمو يجب أن تكون معلنة وواضحة أمام المواطنين، لأنها المعيار الحقيقي لقياس مدى نجاح الحكومة في التعامل مع الأوضاع الاقتصادية”، داعيًا الحكومة إلى “الإفصاح عن هذه الأرقام بشكل فوري وتحديث الدراسات الإحصائية لتكون أساسًا للخطط المستقبلية”.

دعوة لتسليط الضوء على الفقر في الأردن

في الختام، من المهم أن تكون هناك دراسات معمقة وإحصائيات دقيقة يتم الإعلان عنها بشكل دوري من قبل الحكومة، لتسليط الضوء على مشاكل الفقر والبطالة واحتياجات المواطنين. تعتبر هذه البيانات ضرورية لتحفيز النقاشات الوطنية حول كيفية تحسين الظروف المعيشية والعمل على تنفيذ السياسات المناسبة.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *