في مناخ الخليج القاسي، حيث درجات الحرارة المرتفعة تسود معظم شهور السنة، تواجه مراكز البيانات تحديات كبيرة في إدارة استهلاك الطاقة وابتكار حلول تبريد فعالة. تعتبر السعودية هذه التحديات بغاية الأهمية، وتعمل على تطوير مشاريع طموحة تهيئ بنية تحتية رقمية تلبي متطلبات الذكاء الاصطناعي دون التأثير على البيئة أو الاقتصاد.
طاقة لمراكز البيانات
تتعاون شركة “هيوماين” السعودية مع “إنفيديا” و”AMD” لتنفيذ مشروع طموح لإنشاء بنية تحتية قوية للذكاء الاصطناعي بقدرة تصل إلى 500 ميغاواط خلال السنوات الخمس القادمة، مما يعكس التزام المملكة بتطوير أدوات الإنتاج التكنولوجي بدلاً من الاكتفاء بالاستهلاك.
وفقاً لتصريحات ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة، فإنّ التوقعات تشير إلى أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى زيادة استهلاك الكهرباء سنوياً بنسبة تتراوح بين 3% و6%. هذه النسب تستوجب تخطيطاً دقيقاً لتوسيع شبكة الطاقة الوطنية، حيث لا يقتصر الاستهلاك على تشغيل الخوادم فقط، بل يحتاج أيضاً إلى أنظمة تبريد متطورة تتناسب مع درجات الحرارة العالية.
إستراتيجيات مستدامة
للتصدي لهذا الطلب المتزايد، تسعى السعودية لتنويع مصادر الطاقة عبر تسريع مشاريع الطاقة المتجددة، خصوصاً الشمسية والرياح، بهدف تحقيق 50% من توليد الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول عام 2030، وذلك في إطار رؤية المملكة الطموحة.
يعتقد الدكتور عمرو عوض الله أن الطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الجوفية تُعتبران من الحلول المستدامة لضمان إمدادات طاقة طويلة الأمد، ورغم تكاليف الإنشاء الأولية، فإنها تُظهر كفاءة أعلى وأقل تكلفة على المدى البعيد مقارنة بالاعتماد على الوقود الأحفوري.
مع التوسع في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، تفكر السعودية أيضاً في الطاقة النووية كحل موثوق، لما تقدمه من طاقة ثابتة وغير متأثرة بالعوامل الجوية، على عكس مصادر الطاقة المتجددة.
يؤكد عوض الله أن استخدام الطاقة النووية ضمن مزيج الطاقة يمكن أن يكون مثالياً خاصة في الفترات التي تتراجع فيها إنتاج الطاقة الشمسية.
رغم المخاوف المرتبطة بالنفايات المشعة، تعتبر الطاقة النووية أفضل من حيث انبعاثات الكربون مقارنة بالفحم والنفط.
على الجانب الآخر، تضع الإمارات العربية المتحدة خطة طموحة لتكون رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، تشمل دمج هذه التقنية في القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة والطاقة.
تُستخدم حالياً تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة المدن، مما يسهم في تحسين الحياة اليومية عبر الخدمات الذكية.
توقعات العقد المقبل تشير إلى أن السعودية والإمارات ستصبحان مركزين رئيسيين للذكاء الاصطناعي، مما سيعزز مكانتهما على الخارطة الاقتصادية العالمية.
بفضل هذه الاستثمارات، من المتوقع أن تُخلق عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية في مجالات متنوعة مثل الأمن السيبراني والرعاية الصحية، مما يجسد تحولاً رقمياً يعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة.
تستهدف هذه التحولات تعزيز التعاون بين الدول العربية في مواجهة التحديات المشتركة مثل الأمن الغذائي والمياه، مما يدعم مستقبلًا أكثر توازنًا ونمواً في العالم العربي.
اترك تعليقاً