لعنة الموارد وتأثيرها على الاقتصاد
لقد تناول أ.د عبدالرزاق بني هاني في حديثه موضوع يسلط الضوء على ما يعرف في علم الاقتصاد باللعنة الموارد والدولة الريعية، حيث تُبرز هذه الظواهر التحديات الكبيرة التي تواجه الدول الغنية بالموارد والفقيرة في ذات الوقت. إن ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الإنتاجية وانتشار الفساد بصورة ملحوظة، كلها عوامل تُعدّ في حالة تناقض مع توفر موارد طبيعية غنية، مما يخلق حالة من الإحباط في المجتمع.
بنتيجة الاعتماد الكبير للدولة على إيرادات الموارد الطبيعية ومساعدات الدول الأخرى، تتشكل حالة اقتصادية ريعية تشوه أساسيات الاقتصاد الوطني. فالإيرادات المتحققة من تصدير النفط والمعادن، فضلاً عن المساعدات والقروض، تُفضي إلى تراكم ثقافات الفساد والامتيازات المالية بين النخب الحاكمة. ويترتب على هذه الحالة انتفاخ في القطاع العام وتفشي الفساد، مما يحد من القدرة على الابتكار ويؤدي إلى تدني نوعية الخدمات المقدمة للعموم.
تأثير الموارد الطبيعية على التنمية الاقتصادية
تتضمن تبعات الاقتصاد الريعي انخفاض الإنتاجية وارتفاع معدلات الفقر، إذ أن الثروة الناتجة عن الموارد الطبيعية لا تصل إلى الجميع، بل تتركز في يد شريحة ضيقة من النخبة. إن الفساد المستشري وانعدام الشفافية يؤثران سلباً على سياسيات التعليم والرعاية الصحية، حيث يواجه الكثير من أبناء المجتمع تحديات في الحصول على تعليم متميز أو خدمات صحية ذات جودة.
للتغلب على هذه التحديات، يجب التفكير في استراتيجيات شاملة تُعزز من الاستخدام الفعال للموارد وتحارب الفساد. يُعتبر إنشاء صندوق ثروة سيادي يتسم بالشفافية والتوجيه نحو الاستثمار في مشاريع مستدامة خطوة مهمة في مكافحة آثار لعنة الموارد. كما ينبغي الاستثمار في تحسين نظام التعليم وتطوير البرامج التدريبية لرفع مستوى الكفاءة لدى الشباب، بالإضافة إلى تعزيز بيئة الأعمال لجذب الاستثمارات وتشجيع روح الريادة.
ختاماً، يتطلب الأمر جهدًا جماعيًا لتحقيق التنمية المستدامة وكسر دورة الاعتماد على الموارد، بغية خلق اقتصاد متنوع وفعال يساهم في تحسين مستويات المعيشة وإتاحة الفرص للجميع.
اترك تعليقاً