هل تفتح “فرصة سلام” في اليمن أفقاً جديداً للتهدئة وتعيد رسم خريطة التوازنات الإقليمية؟

اتفاق الهدنة مع جماعة الحوثي

اتفاق الهدنة مع جماعة الحوثي يُعتبر نقطة تحول بارزة في المشهد اليمني والإقليمي، إذ أعاد الانتباه إلى الساحة اليمنية في إطار النزاعات الإقليمية مع التركيز على خفض التصعيد. جاء ذلك نتيجة لاعتبارات معقدة تتعلق بالمصالح الأميركية والجماعة الحوثية، إلى جانب الضغوط التي تمارسها الأطراف الإقليمية. ومع ذلك، فإنه من المبكر الافتراض أن هذه الهدنة ستؤمن حرية الملاحة في البحر الأحمر أو ستؤدي إلى انخفاض مستوى التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، نتيجة ترابط الأزمة بالمسائل الفلسطينية الإسرائيلية والإيرانية.

وقف إطلاق النار مع جماعة الحوثي

يمثل اتفاق الهدنة تحولاً استراتيجياً في السياسة الأميركية، إذ جاء كمحاولة لإعادة تقييم نتائج استراتيجية الردع العسكري في سبيل تحقيق أهدافها الأمنية والاقتصادية. هذا التوجه نحو تعطيل الردع مؤقتا لصالح الواقعية السياسية نجح في ضبط العلاقات مع الحلفاء والخصوم في المنطقة. تأثيرات الأزمة البحرية في البحر الأحمر سلبت المصالح الأميركية جراء استهداف الحوثيين للسفن التجارية، مما أجبر واشنطن على تخفيف حدة الصراع في اليمن والتوجه نحو الحل الدبلوماسي من خلال دعم الوساطات العمانية والسعودية. وقد زادت الضغوط من الشركاء الإقليميين جراء تداخل ملف الأزمة اليمنية مع الديناميات السياسية في المنطقة.

تتقاطع المصالح الجيوسياسية والاقتصادية مع النزاعات العسكرية، ما أدى إلى تغيير واضح في الاستراتيجية الأميركية تجاه الحوثيين. فقد بات من الواضح أن فشل الردع العسكري يتطلب الحفاظ على التحالفات الإقليمية، حيث تعتبر الحوثي ورقة ضغط مهمة لطهران في المفاوضات النووية. ضعف قدرة التدخل الأرضي لإدارة بايدن دفعها لتبني استراتيجية دبلوماسية عبر وساطات سعودية وعمانية بهدف تجميد الأعمال القتالية، وهو ما يشير إلى أهمية الملف اليمني وتأثيراته على أمن السعودية ومستقبل النزاع الفلسطيني. وصاحب ذلك إعلان وقف إطلاق النار الذي ساهم في تحقيق عدة أهداف سياسية مثل تأمين الممرات البحرية.

  • تجميد العمليات العسكرية بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي
  • حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر وتأمين مضيق باب المندب
  • تعزيز الوساطات العمانية والسعودية للوصول إلى حلول سياسية
  • تخفيف الضغط على إيران في مسار المفاوضات النووية
  • تقليل المخاطر الأمنية على مصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة
  • التحديات والمخاطر المستقبلية لاتفاق الهدنة مع جماعة الحوثي

    يميّز اتفاق الهدنة مع الحوثيين سياسة أميركية منقسمة تسعى من خلالها واشنطن إلى تعزيز موقف إسرائيل العسكري مع تقليص تهديدات طهران من خلال الحوثيين. إلا أن هذا الأمر قد يهدد بفقدان السيطرة على حلفاء مثل إسرائيل الذين قد يتصرفون بما يتعارض مع المصالح الأميركية في اليمن. كما يُظهر الحوثيون تحوّلاً نحو سياسة أكثر واقعية من خلال قبول تقييم الأضرار العسكرية، مما يدل على رغبتهم في تجنب المزيد من الاستنزاف. تبقى الفجوة واضحة بين استعداد الجماعة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وقدرتها الفعلية على مواجهة الردع الأميركي.

    تسفر نتائج هذا الاتفاق عن أهمية فصل أزمة الملاحة البحرية عن الدعم المقدم لغزة، مما يقلل من أوراق الضغط التي يمكن أن تستخدمها الحوثيون ويحد من دورهم في الصراعات الإقليمية. في النهاية، يُعتبر اتفاق الهدنة مع جماعة الحوثي تجسيدًا لحسابات معقدة تمزج بين المصالح الدولية والإقليمية مع تصاعد الصراع المحلي، وأظهر تحولًا نوعيًا في التعامل مع الأزمة اليمنية من خلال سياسة التهدئة، رغم المخاطر الحقيقية المتعلقة باستقرار المنطقة. ومع ذلك، يبقى اليمن في قلب الصراعات الكبرى بينما يعاني شعبه من تبعات الحروب والنزاعات المتعددة.

    Comments

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *