طوفان الأقصى: واقع معقد يتطلب حلولاً فورية!

كتب: كمال ميرزا في المحاضرات والندوات والمقابلات يتشدّق السياسيّون والأكاديميّون والمثقّفون بأنّ السياسة هي “فن الممكن”! تعريف سهل يجذب الانتباه، ويعكس للوهلة الأولى عمقاً وفهماً. ولكن عند النظر إلى السياقات التي يُستخدم فيها هذا التعريف، يتضح أنّه غالباً ما يأتي لتبرير الفشل والتخاذل. فـ “فن الممكن” يُستخدم في الغالب كحجة لتقبل الفساد، الفشل في الإدارة، وقبول القمع. فعلى سبيل المثال، يأتي السياسيون ليقولوا: “الفساد ممكن، لكن النزاهة ليست ممكنة” أو “الاحتلال ممكن، أما التحرير فهو مستحيل”.

إنّ ساسة الدول العربية، بغض النظر عن نواياهم، يظهرون عدم تمييز بين “السهل” و”الممكن”، مما يُفضي بهم إلى حلول قصيرة النظر تفتقر إلى الرؤية الإستراتيجية. إنّهم يطبقون منطقًا تبريريًا يعمق أزماتهم، بينما في الجهة الأخرى نجد العدو، سواء كان ذلك في سياق العدو الصهيوني أو المشروع الإمبريالي الغربي، يُثبت لنا أنّ السياسة هي “فن اللاممكن”.

الهزائم العربية المتكررة ومواقف الحكومات الناقصة تُظهر بوضوح ضعف هذه الأنظمة. إذ أنّ القادة الإسرائيليين لم يتوقفوا عند العوائق؛ بل على العكس، تحدّوا كل التوقعات عن طريق الإصرار وتذليل الصعوبات, فاستطاعوا تحقيق ما يُظهره البعض بأنه مستحيل. وهذا يدل على أن مفهوم “الممكن” ليس سمة ثابتة بل حالة يمكن تعديلها بناءً على الإرادة السياسية.

إذا اعتبرنا تعريف “السياسة فن الممكن” صحيحًا، يترتب علينا التساؤل: من يحدد ما هو الممكن وما هو غير الممكن؟ الأنظمة غالباً ما تبرر تقاعسها عن مواجهة التحديات بالقول إن مواجهة الاحتلال أو الهيمنة الغربية “غير ممكنة”. لكن الواقع يظهر العكس.

نتيجة لذلك، تُعبر حركة المقاومة عن الإرادة الحقيقية للأمم، وتجعل الأنظمة العربية تعاني من حيرة حقيقية. إذ تُظهر الوقائع المتتالية من انتفاضات وحروب حقيقةً تُدحض كل المفاهيم الهرمية التي تمتلئ بها أذهان الساسة. لذا، فإن الساسة العرب، مهما وضعوا من زينة لأفكارهم، يبقون أسرى لواقعهم ولمفاهيمهم القابلة للنقاش. وفي الختام، فإن فكرة “الممكن” تظل مسألة قابلة لإعادة التقييم وإعادة النظر، وليس مجرد مصطلح يُستخدم لتبرير السلوكيات وتقبل الفشل.

فن الممكن

بينما تمر الأحداث التاريخية العديدة، يبقى السؤال ملحاً: هل يمكن لحركة المقاومة أن تكون منطلقا لتغيير المعادلة التقليدية في فهم السياسة في العالم العربي؟

مواجهة التحديات

إن مفهوم “الممكن” يمثل بالأحرى تحديًا يتطلب تغييرات جذرية في التفكير والسياسات المتبعة، والذهاب لآفاق جديدة تنفتح فيها المجتمعات الإسلامية نحو البناء والتحرر. إن الإرادة الفعلية في مواجهة الظلم والاحتلال قد تجعل الكثير من الأمور التي ظن الجميع أنها مستحيلة تتجلى أمام أعينهم كوقائع ملموسة، وهذا ما أثبته تاريخ المقاومة عبر العقود.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *