“الحياة أغلى من أن تُختصر في صورة: استكشاف مفهوم الإبهار” – أخبار السعودية

الإبهار والبحث عن الذات

الحياة أغلى من أن تُختصر في صورة أو تُقاس بمعايير التفاعل، فلا بد أن نعيش لأنفسنا أولاً، قبل أن نعيش للناس. يجب أن يكون الإبهار تعبيراً عن حقيقتنا وليس قناعًا نرتديه في مناسبات مختلفة. في زمن تنتشر فيه الصور وتتجاذب فيه الأصوات، أصبح الإبهار سمة يتسابق الكثيرون للحصول عليها، ليس لطفلهم الداخلي، بل لإقناع الآخرين بجدارة اهتمامهم، سواء من خلال الإعجابات أو التعليقات الإلكترونية.

السطحية في المجتمعات الحديثة

منذ القدم، حاول الإنسان إثبات قيمته، لكن هذا الجهد أضحى أكثر تعقيدًا في العصر الحديث، حيث بات العديد من الأفراد يعيشون لأعين الآخرين بدلاً من أنفسهم. انتقلت دلالات النجاح من تحقيق الرضا الذاتي والإنجازات الحقيقية إلى عدد “الإعجابات” وكم المتابعين، محوّلة جمهورهم إلى مجرد وسيلة لتعزيز شعورهم بالهويّة، بغض النظر عن كون هذه الوسائل سطحية أو غير حقيقية.

يتجلى هذا بشكل واضح في منصات التواصل الاجتماعي؛ حيث تتحول اللحظات البسيطة مثل الإفطار أو العطلة العائلية إلى مشاهد مصورة باحترافية، محوّلة أحاسيسهم إلى منشورات مُصممة تفتقر في الكثير من الأحيان إلى العمق، وتهدف فقط إلى جذب الأنظار. وهكذا، أصبح الإبهار، بدلاً من كونه وسيلة لإلهام الآخرين، وسيلة لتغذية الذات، حتى لو كان ذلك على حساب الأصالة.

المؤسف أن هذه السعي المتواصل وراء الإبهار أفرغ الحياة من معناها. فشخص يتسابق لنيل إعجاب الآخرين غالبًا ما ينسى أن يسأل نفسه: هل أجد السعادة؟ هل هذا ما أريده حقًا؟ وما هو مدى صدق هذا النجاح؟ بين وهج الإبهار وواقع الذات، يضيع الكثيرون في حياة مشابهة لواجهات المحلات؛ تبدو جميلة من الخارج، لكنها خاوية من الداخل. ينفقون الوقت والمال والجهد لإقناع المجتمع، متناسين أن معظم الناس أيضًا مشغولون بإبهار الآخرين.

ليس من العيب السعي لتحقيق الطموحات أو مشاركة الإنجازات واللحظات السعيدة. لكن يجب أن يكون الإبهار نتيجة لتفوق حقيقي، وليس مجرد غاية تبحث عن محتوى ينقصه العمق.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *