انتقادات الأمير تركي الفيصل للسياسات الغربية في الشرق الأوسط
وجه الأمير تركي الفيصل، السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة وبريطانيا، والرئيس الأسبق للاستخبارات العامة، انتقادات شديدة للسياسات الغربية تجاه قضايا الشرق الأوسط. وأعرب عن استهجانه لما اعتبره انهيار النظام الدولي القائم على قواعد واضحة، وانقضاض ظاهرة ازدواجية المعايير، خصوصاً فيما يتعلق بالتعامل مع الملفات الإيرانية والإسرائيلية.
تساؤلات حول العدالة الدولية
وأشار الفيصل إلى مفارقة بارزة، حيث أكد أنه لو كان مبدأ العدالة معمولًا به بطرق متكافئة من جانب الولايات المتحدة، لكانت القاذفات الأمريكية من طراز B2 قد استهدفت المنشآت النووية الإسرائيلية، على غرار ما يُبحث حول دول أخرى في المنطقة. وأكد الأمير أن إسرائيل، التي تمتلك أسلحة نووية مثبتة، لم توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فيما تظل منشآتها بعيدة عن أعين المفتشين الدوليين.
واستشهد الفيصل بأن المجتمع الدولي، تحديدًا واشنطن، لا تفرض عقوبات أو ضغوطًا ملموسة على إسرائيل رغم انتهاكاتها للمعاهدات الدولية، بينما تُصعّد ضد دول أخرى حتى في حال وجود شبهات أو تصريحات فقط. وأشار إلى أن الساسة الذين يدعمون شرعية الضربات الإسرائيلية ضد إيران يتجاهلون عمداً الدعوات المتكررة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ عام 1996 لإسقاط الحكومة الإيرانية، دون أن يواجَه هذا الكلام بأي انتقاد أو عقوبات دولية.
وأوضح أن الاحتجاج الإيراني يُضخم إعلامياً ودولياً، في حين تُمرر التصريحات التحريضية الإسرائيلية دون أي رد فعل. واعتبر الفيصل أن الدعم الغربي للصمت على الاعتداءات الإسرائيلية على إيران يعد تجسيدًا للتحيز المستمر، مثلما يحدث في السياسات الغربية التي تغض الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، بينما تُظهر عداءً واضحًا تجاه روسيا نتيجة تدخلها العسكري في أوكرانيا.
وركّز الفيصل على أن هذه المفارقات تبرز انحسار أسس النظام العالمي المبني على المبادئ والقوانين. ورغم انتقاداته الحادة للمواقف الرسمية الغربية، لم يغفل الإشارة إلى أن الشعوب الغربية بدأت تخطو خطوات خارج صمتها التقليدي، وأبدت دعمها للحق الفلسطيني. ولفت إلى أن هذا التغير الشعبي في أوروبا والولايات المتحدة بدأ يجد صدى لدى بعض القادة وصانعي القرار.
وفي سياق حديثه عن تصاعد التوتر مع إيران، كشف الأمير الفيصل أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد أجاز تنفيذ ضربات جوية ضد ثلاثة مواقع نووية إيرانية بناءً على معلومات قدمها نتنياهو. ودعا الفيصل ترامب إلى استذكار دروس الماضي، خاصة ما حدث في العراق وأفغانستان نتيجة التسرع والاعتماد على تقديرات غير دقيقة.
وشدد على أهمية العودة إلى أسلوب الدبلوماسية ورفض منطق المواجهة، مجددًا التأكيد على حرص السعودية ودول الخليج على تحقيق الاستقرار الإقليمي وليس تصعيد التوتر. ودعا في ختام حديثه الإدارة الأمريكية إلى تجنب الكيل بمكيالين والمضي في حوار حقيقي مع الشركاء الذين يسعون لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وكشف الفيصل عن قراره بعدم زيارة الولايات المتحدة طالما ظل ترامب في منصبه، مستذكراً موقف والده الملك فيصل الذي رفض زيارة واشنطن بعد تخلي الرئيس هاري ترومان عن وعوده بشأن القضية الفلسطينية. وأكد أن هذه الخطوة تعكس ثوابت المملكة التاريخية ودعمها للحقوق العربية، مشددًا على أهمية إنهاء سياسة المعايير المزدوجة التي تهدد الأمن والاستقرار.
اترك تعليقاً