مهنة السباكة وموقعها في عصر الذكاء الاصطناعي
كشف العالم البارز جيفري هينتون، المعروف بـ«عرّاب الذكاء الاصطناعي»، عن مهنة واحدة فقط تبدو في مأمن من خطر الأتمتة، بالرغم من التطورات السريعة في الثورة التكنولوجية، وهي مهنة السباكة اليدوية. هينتون، الحائز على جائزة تورينغ وأحد رواد تقنيات الشبكات العصبية، أشار خلال مقابلة له على بودكاست «Diary of a CEO» إلى أن الذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على التفوق في المهام العقلية والتحليلية، لكنه يعجز عن مواجهة التحديات التي تتطلب تنسيقاً حركياً دقيقاً وتحكماً فيزيائياً، مثل الأعمال التي يشرف عليها الإنسان.
السباكة وأهمية المهارات البشرية
أضاف هينتون أن تطوير المهارات الحركية الدقيقة لدى البشر، مثل تركيب الأنابيب وضبط الصمامات وتركيب التركيبات البلاستيكية والمعادن تحت ظروف بيئية متنوعة، لا يزال خارج نطاق قدرات الآلات الحالية. لذا، يبقى السباكون محفوظين من الاستبدال بالآلات في المدى القريب. وفي هذا السياق، تُظهر هذه الرؤية أن الخيار الأفضل اليوم هو الابتعاد عن الوظائف الروتينية النمطية، والتركيز على الوظائف التي تستوجب مهارات عملية بشرية دقيقة لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدها.
إن مهنة السباكة تعتمد بشكل أساسي على القدرة البدنية والمهارة اليدوية، وهو ما يجعلها أكثر تميزاً في ظل تقدم تقنيات الأتمتة. المهارات الفنية المطلوبة في هذا المجال تتطلب مستوى عالٍ من الكفاءة والتجربة، مما يضمن استمرار الحاجة للبشر الذين يمكنهم التأقلم مع التغييرات السريعة في البيئة وظروف العمل. إن السباكة ليست مجرد مهنة، بل هي فن يتطلب الفهم العميق لطبيعة المواد والأدوات المستخدمة، بالإضافة إلى القدرة على حل المشكلات المعقدة التي قد تظهر خلال تنفيذ الأعمال.
في ظل هذه الظروف، يتضح أن مجالات العمل التي تتطلب مهارات يدوية عالية وتفكير تحليلي معقد ستظل تحتفظ بأهميتها في سوق العمل، مما يجعلها مهنة واعدة للمستقبل. وأوضح هينتون أنه من الحكمة النظر إلى هذه الجوانب عند اتخاذ قرارات مهنية، إذ يعتبر التركيز على المهارات الفريدة التي يتمتع بها الإنسان أحد السبل لضمان استمرارية وجوده في مجالات العمل المتعددة، حتى مع تقدم الذكاء الاصطناعي.
اترك تعليقاً