هل توافق السعودية على تقاسم النفوذ في شرق أوسط جديد بين إيران وإسرائيل؟ | د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب

تغيرات النظام الإيراني وتأثيرها على المنطقة

استبدلت الولايات المتحدة والدول الغربية نظام الشاه بنظام الملالي في إيران بهدف تجنب تشكيل أي تحالف إقليمي قد يهدد أمن إسرائيل. وقد دعمت إيران إسرائيل في ضرب المفاعل النووي العراقي عام 1981، وهو المشروع الذي أُقيم بالتعاون مع فرنسا في عام 1975 وتم تسميته “عملية بابل”. وتبعت هذه الضربة غارة إيرانية غير ذات تأثير خلال حرب الخليج الأولى، المعروفة باسم “قادسية صدام”، والتي أطلقت عليها إيران “الدفاع المقدس”.

السياسات الإقليمية الإيرانية

سعت إيران إلى تحقيق تفاهمات مع إسرائيل، مدعية أنها لا تستهدفها بشكل مباشر، إلا أن المصالح بين الطرفين اصطدمت نتيجة لرغبة إيران في التوسع في العالم العربي ضمن طموحاتها لإحياء إمبراطوريتها الفارسية. وفي هذا السياق، تنافست إيران مع تركيا بعد ثورات الربيع العربي التي عملت على استعادة “العثمانية الجديدة”، خاصة بعدما فشلت تركيا والسعودية في مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا. ومع دخول روسيا في معادلة الأزمة السورية، تغيرت موازين القوى لصالح طهران، مما دفع تركيا إلى تعزيز علاقاتها مع السعودية ودول الخليج الأخرى.

تعايشت إسرائيل مع إيران عبر وكلائها في المنطقة بعد أن أصبحت إيران جارة لها. أرادت طهران أن تعترف إسرائيل بسيطرتها على العراق وسوريا ولبنان، مع السعي لتقاسم النفوذ في “شرق أوسط جديد”. وقد كانت السعودية تُراقب هذه العلاقة الحساسة، مدركةً خطورة محاولات تقاسم النفوذ بين إيران وإسرائيل على الأراضي العربية.

مع تزايد هذه الأوضاع، بدأت السعودية في تطوير سياستها الإقليمية بعيدًا عن الاعتماد الكبير على الولايات المتحدة، خاصة بعد عدم دعم واشنطن لتحرير الحديدة في 2018 وتداعيات الهجوم على بقيق عام 2019. أدركت الرياض أن الاعتماد فقط على الولايات المتحدة لم يعد كافيًا، رغم الالتزام التاريخي بحماية منابع النفط. وقد عكست التصريحات السعودية نواياها في حال امتلاك إيران للسلاح النووي، ما أحدث تضاربًا في حسابات إسرائيل والغرب حول التهديد النووي الإيراني.

توجهت السعودية نحو الاستقرار مع إيران، واهتمت طهران بتلك الخطوة لما تمتلكه الرياض من تأثير لدى واشنطن. وقد برزت الصين كطرف ضامن لهذا المسار، مما زعزع هيمنة الولايات المتحدة. ومع أحداث “طوفان الأقصى”، تغيرت الموازين ومنحت ذريعة لإسرائيل والغرب لشن هجمات على إيران وحلفائها مثل حزب الله، بهدف تقليص نفوذهم.

تحت وطأة العقوبات وتدخل روسيا في أوكرانيا، بدت إيران فاقدة للكثير من قوّتها وكفاءتها، مما أدى إلى اتخاذ إجراءات عسكرية إسرائيلية، وأنهت المفاوضات مما أدى إلى عمليات عسكرية تركّزت على المنشآت النووية الإيرانية. وقد اعتبر ترامب تلك الضربة “نجاحًا عسكريًا مذهلاً”، فيما أظهرت تلك الأحداث أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بالهيمنة في المنطقة.

بعد الهجوم على المنشآت النووية، وجه ترامب تحذيرًا للنظام الإيراني بشأن الحاجة لتغييره إذا لم يتمكن من تحسين وضعه. بينما ظلت السعودية قوة إقليمية مهمة تدعو للسلام، مشجعةً كل الأطراف، بما في ذلك إسرائيل، على التعاون لبناء شرق أوسط جديد بعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *