عبد الحليم حافظ: أسطورة الفن الحي في العاصمة الإدارية
وحشتنا يا حليم، فمع مرور ما يقرب من نصف قرن على فقدان العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، لا يزال صوته يُرافقنا، حاضراً في قلوب أجيال لم تعاصر الزمن الذي عاش فيه. لقد استطاع أن يترك بصمة عميقة في الوجدان من خلال أغانيه وكلماته الخالدة. وفي ظل التطور العمراني الذي تشهده مصر اليوم، تساءلنا ماذا لو كان عبد الحليم بيننا الآن؟ وأين كان سيُغني حفلاته لو أراد إحياءها في العاصمة الجديدة؟
العندليب في قلب العاصمة الحديثة
تخيلنا أحد أكبر المسارح في منطقة الأبراج بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتي أصبحت أكبر تجمع لناطحات السحاب في إفريقيا. ما أروع المشهد حين نرى عبد الحليم حافظ يقف في هذا المكان المهيب، حيث تنعكس الأضواء على الواجهات الزجاجية اللامعة، ويتجمع الآلاف من الجمهور ليعيشوا لحظة الاستماع إلى أغنيته الشهيرة “أحلف بسماها” التي تتردد بين البنايات الحديثة، مما يخلق تناغماً جميلاً بين الماضي والمستقبل.
في إطار آخر، انتقلنا بخيالنا إلى مدينة الجلالة، حيث الهواء النقي والمشاهد الطبيعية الخلابة تعطي انطباعاً مميزاً. هناك، تخيلنا العندليب يُحيي حفلة صباحية رائعة، حيث تتلألأ أشعة الشمس أمامه وهو يغني “على قد الشوق”، فتتحول الجبال المحيطة والبحر إلى لوحة فنية حية تتراقص على أنغام صوته الشجي.
أما في المساء، كانت وجهتنا إلى مدينة العلمين الجديدة، حيث يلتقي سحر البحر المتوسط بروعة العمران الحديث. وفي تلك الأجواء الرائعة، تخيلنا مسرحًا مفتوحًا على الكورنيش، حيث تنعكس أضواء العرض على صفحة البحر، وعبد الحليم يُغني “جانا الهوى” وسط جمهور شاب متحمس يتفاعل بشغف مع تلك النغمات الساحرة، مما يخلق لحظة من الحنين والشجن الفني.
لقد عدنا للحديث عن عبد الحليم حافظ الآن لأنّه لم يكن مجرد مطرب عادي، بل كان رمزًا وطنيًا وأيقونة تعبر عن روح جيل كامل. المدن الحديثة التي تُبنى في مصر اليوم تمثل أكثر من مجرد عمران، فهي تُعبر عن القدرة على إعادة إحياء الفنون وتخليدها. فتظل أصوات مثل صوت العندليب حية في الذكريات، تعبر عن الارتباط العميق بين الفن والتراث.
اترك تعليقاً