إعادة رسم خريطة النفوذ الاقتصادي العالمي
في ظل التحولات الكبيرة التي تشهدها خريطة النفوذ الاقتصادي العالمي، أصبح لقطاع النقل الجوي والتقنيات المرتبطة به دور استراتيجي متزايد في تأسيس الشراكات الدولية وتوسيع نطاق التأثير. من خلال مشاركتها البارزة في معرض باريس الجوي الدولي الـ55، تؤكد المملكة العربية السعودية أنها قد تجاوزت كونها مجرد لاعب اقتصادي نفطي، لتصبح شريكًا عالميًا في مجالات التقنية والطيران والتصنيع المتقدم. تأتي هذه الخطوات في إطار رؤية طموحة تقودها الرياض من خلال رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز ربط المملكة بالنظام الجوي العالمي وجذب استثمارات نوعية ذات قيمة مضافة.
توسيع الشراكات الاقتصادية
خلال اجتماع سعودي-فرنسي رفيع المستوى، طرحت السعودية فرصًا استثمارية ملحوظة في مجالي البنية التحتية والتقنيات الجوية، مع التركيز على أبرز مجالات التعاون في قطاع الطيران. شملت مجالات الاستثمار المطروحة تحديث البنية التحتية للمطارات، وتعزيز أنظمة الملاحة الجوية، واعتماد التقنيات المتقدمة. تهدف المملكة من خلال هذه المبادرات إلى تعزيز تنافسيتها كمركز إقليمي للطيران والخدمات اللوجستية، مع توقيع العديد من الاتفاقيات التي تشمل تعزيز قدرات الخدمات الأرضية، وتوطين التكنولوجيا، وتطوير برامج تدريبية متخصصة.
تسعى السعودية لتعميق الشراكة الاقتصادية مع فرنسا، حيث تجاوز حجم التبادل غير النفطي بين البلدين 20 مليار ريال سعودي (5.33 مليار دولار أمريكي) في عام 2024. وقد ساهمت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرياض في ديسمبر الماضي في تعزيز هذه الشراكة، حيث تم توقيع خارطة طريق للشراكة الاستراتيجية وإنشاء مجلس شراكة استراتيجي بين البلدين.
في سياق تعزيز الاستراتيجية الوطنية للطيران، أكد رئيس هيئة الطيران المدني السعودي، عبدالعزيز بن عبدالله الدعيلج، خلال ترؤسه الاجتماع، أن هذه اللقاءات ستكون دافعًا لرفع الطاقة الاستيعابية إلى 330 مليون مسافر و4.5 مليون طن من الشحن الجوي سنويًا بحلول عام 2030. كما تشمل الاستراتيجية ربط المملكة بأكثر من 250 وجهة عالمية، مما يعزز مكانتها كمحور رئيسي في مجال النقل الجوي والتجارة الدولية.
تمت مناقشة التحديات المستقبلية التي ستواجه قطاع الطيران على الصعيد العالمي، مع التركيز على أهمية التعاون في مجالات الابتكار، والاستدامة، وتطوير البنية التحتية. يعكس هذا التوجه إدراكًا واضحًا لدى السعودية بأن الاستثمار في قطاع الطيران ليس مقتصرًا على البنية التحتية فقط، بل يمثل أداة استراتيجية لتعزيز الحضور الدولي وبناء اقتصاد معرفي ومتعدد المصادر.
اترك تعليقاً