الكتابة: تعبير عن الهوية في مشهد الثقافة السعودية

في زمن يتم فيه قياس الحياة بعدد النقرات على أجهزة التكنولوجيا الحديثة، حيث تُختزل الأحلام إلى مقاطع قصيرة مُنتجة، نجد أنفسنا أمام سؤال قديم: لماذا نكتب؟ هل نكتب لنوثق التاريخ أم لنُخرج ما تراكم في أعماقنا من مشاعر وأفكار؟ هل نعبر عن وجودنا أو نكشف النقاب عن الوجوه العابسة التي نراها؟ الكلمات ليست مجرد حروف مرتبة، بل هي نبضات حياة تُحاكي الواقع وتبرز الوهم. فهناك أشياء تموت، وأزهار تذبل، وأوراق تتساقط، لكن الكلمات تبقى خالدة كلما استمر الزمان.

منذ العصور القديمة وحتى عصر الرقمنة الحالي، ظل الكاتب هو الصوت المُناوئ والشاهد على الأحداث، يكتب لأن اللغة تحتفظ بالذاكرة، ولأن الصفحة لا تخون، فربما سطر واحد يتحول إلى دواء أو سلاح. وعندما يتجاهل العالم صرخاتنا، تصبح الكتابة هي الرد على العدم. لقد عُبر كافكا عن ذلك بقوله: «الكتابة شكل من أشكال العبادة».

الكتابة كفعل مقاومة

في زمن الانتشار السريع للمعلومات، حيث تُباع الأفكار بأثمان بخسة، تتحول البلاغة إلى شكل من أشكال المقاومة. وعندما تُختزل اللغة في رموز وعبارات بسيطة، يظهر الكاتب ليغير ذلك، كأن كلماته تستطيع إعادة تعريف الجمال أو معالجة الظلم. ربما تكون كلماته هي بصيص الأمل أو تثير جروح الماضي. فهل كان غابرييل غارسيا ماركيز يُبدع عالماً سحرياً أم أنه كان يستكشف السحر الكامن في واقعنا المُهمل؟ فليس كل كاتب هو نجم لامع، بعضهم يُضئ زوايا مظلمة في عالمنا، مثل شمعة تُذوب على طاولة aprendizaje. هؤلاء هم الشعلة التي تُضيء الوعي المفقود.

الأدب وتعزيز الإنسانية

بكلمة واحدة، يُذكرنا هؤلاء الكتاب بإنسانيتنا. يذكروننا بأننا بشر نتنفس ونشعر ونحب ونتمنى، كما عبرت فيرجينيا وولف في إحدى أعمالها: «لا شيء كاملاً، لكن كل شيء عميق». إلى كل قارئ: ابحث عن الكاتب الذي يُشعل شغفك، وليس من يُفرغ عقولك من الأفكار. وتذكر أن التاريخ لن يسجل أسماء الذين هدموا بل سيتذكر أولئك الذين منحوا للكملة حياة وأجنحة.

الكتابة ليست مجرد مهنة، إنها هوية. فهل نحن مستعدون للانتماء إلى عالم الكتابة وتحمل المسؤولية تجاهها؟

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *