مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، يبرز تساؤل مهم: لماذا تعتبر محافظة أصفهان ركيزة أساسية في اهتمام تل أبيب وإستراتيجيتها لشن هجمات على الداخل الإيراني؟
أصفهان وأهميتها الاستراتيجية
تحتوي أصفهان، التي تقع على بعد 406 كيلومترات جنوب طهران، على عدد من القواعد الجوية ومواقع نووية حيوية. تشمل أهم المنشآت النووية في هذه المحافظة، مرفق نطنز المخصص لتخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى مركز معالجة اليورانيوم. تمثل قاعدة أصفهان الجوية أيضاً مركزاً استراتيجياً للدفاعات الجوية الإيرانية، حيث تضم مصانع تنتج وتجمع الصواريخ وأنواع أخرى من الأسلحة.
الضربات العسكرية الإسرائيلية في 2024
تتجلى أهمية أصفهان، سواء من الناحية العسكرية أو النووية، في كل مواجهة بين إيران وإسرائيل. ففي شهر أبريل من العام 2024، كانت أصفهان هدفاً رئيسياً لهجوم نفذته تل أبيب، جاء في أعقاب اشتباكات تلت الهجوم الإسرائيلي على قنصلية إيران في سورية. وفي الهجوم الأخير الذي بدأته إسرائيل، ظهر اسم أصفهان مجدداً كجزء من خطط تل أبيب العسكرية ضد إيران.
أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن المنشآت النووية في أصفهان تعرضت لهجمات عدة خلال يوم الجمعة الأخيرة. وحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، فإن الضربة الأولى لم تشن على المستودع الذي يُعتقد أنه يحتوي على الوقود النووي الإيراني، وهو ما كان قد يكون عن قصد. يتم تخزين هذا الوقود في مجمع كبير بالقرب من العاصمة القديمة أصفهان. كما أشارت المعلومات الاستخباراتية إلى أن الطائرات الإسرائيلية والصواريخ قد تراجعت عن استهداف أصفهان، رغم أنها واحدة من أكبر المواقع النووية الإيرانية، وواحدة من مراكز الأبحاث السرية المتعلقة بالأسلحة.
بالرغم من الضغوط العسكرية الإسرائيلية، لا يزال جزء كبير من البرنامج النووي الإيراني قائماً. الجيش الإسرائيلي، من جهته، لم يؤكد ما ورد في تقرير نيويورك تايمز، حيث صرح بتنفيذ ضربات استهدفت منشأة نووية في أصفهان، معتبراً العملية مستمرة. كما أكد أن الموقع المستهدف يخضع حالياً لعملية “إعادة تحويل” لليورانيوم المخصب، وهو مرحلة تالية بعد عملية التخصيب.
كما تعرضت بنية تحتية لإنتاج اليورانيوم المعدني والمختبرات ذات الصلة لأضرار جسيمة. وفي الوقت نفسه، ذكر الخبراء العسكريون أن إيران قد قامت بتحصين منشآتها النووية ضد أي تهديدات، الأمر الذي يجعل من الصعب تدميرها بصورة شاملة. حيث تستخدم الهيئات النووية الإيرانية مواد بناء متخصصة، وأن هذه المواقع تحت الأرض مرتبطة بشبكة من الأنفاق المعقدة.
تعتبر أصفهان بمثابة “قلب إيران النووي”، حيث تحتوي على منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم ومرافق أخرى تقع في مناطق قريبة، مثل زردنجان. بدأت أعمال البناء في مرفق نطنز عام 1999، وهو يضم مفاعلات بحثية صغيرة والعديد من الأنشطة التي ترتبط بالبرنامج النووي الإيراني. ومن المهم الإشارة إلى أن الموقع قد تعرض لهجمات منسوبة لإسرائيل في السابق، بالإضافة إلى انفجار وقع عام 2011 وفقاً لبعض التقارير.
تحتوي أصفهان على أحد أكبر منشآت تخصيب اليورانيوم في إيران، والتي تشمل قدرة هائلة على تجميع أجهزة الطرد المركزي، وتعد من المواقع الحساسة التي تُعتبر ذات أهمية استراتيجية لطهران.
اترك تعليقاً