في خطوة تعتبر من أبرز التطورات في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، أظهرت تقديرات أولية إمكانية اكتشاف 40 تريليون قدم مكعبة من الغاز في دولة عربية تُطل على شرق البحر المتوسط، وهو من أهم الاكتشافات هذا العام الذي جذب انتباه دول العالم.
اكتشافات نفط وغاز جديدة تعزز مكانة دولة عربية
وفقًا لمنصة الطاقة المتخصصة، فإن هذا الاكتشاف المحتمل في سوريا يمثل تحولًا مهمًا في خريطة الطاقة في الشرق الأوسط، خصوصًا مع توجه الدول في المنطقة نحو تعزيز أمنها الطاقي وتقليل الاعتماد على الواردات. تسلط هذه التقديرات الضوء على إمكانات هائلة لم يتم استكشافها بعد في حوض يعتبر من أغنى الأحواض الجيولوجية، مما يمهد لمرحلة جديدة من الاستكشافات البحرية قد تعيد وضع سوريا على خريطة الطاقة العالمية. ومع أن المياه الإقليمية السورية لم تشهد نشاطًا فعليًا في التنقيب عن الغاز حتى الآن، تشير المعلومات الصادرة عن خبير الغاز والهيدروجين إلى إمكانات ضخمة مدفونة في حوض ليفانت، الذي يحتوي على احتياطيات كبيرة لدول أخرى في شرق المتوسط.
الإمكانات الهائلة لاحتياطيات الغاز في سوريا
وفقًا للمهندس وائل عبدالمعطي، تقتصر الاحتياطيات المثبتة القابلة للاستخراج من الغاز في سوريا على نحو 430 مليار متر مكعب، ما يعادل 15 تريليون قدم مكعبة، وهي أرقام تتعلق فقط بالحقول البرية دون احتساب الموارد البحرية غير المستكشفة، التي تشير التقديرات الأولية إلى احتمال وجود 40 تريليون قدم مكعبة من الغاز قبالة الساحل السوري. تأتي هذه المؤشرات رغم العقوبات الاقتصادية والتحديات السياسية التي واجهتها البلاد على مدار عقد من الزمن، لتشكل دافعًا لبدء حركة اقتصادية جديدة مدعومة بخطة استراتيجية موسّعة بالتعاون مع شركات أميركية، تهدف لإعادة بناء قطاع الطاقة من جديد.
في الأفق القريب، يعتبر تأمين إمدادات الغاز الداخلية عبر استيرادها من ثلاثة مسارات رئيسية: خط الغاز العربي من الأردن، واستئجار مرفأ عائم لاستقبال الغاز المسال عبر الموانئ السورية. وتركز الحكومة السورية حاليًا على تنفيذ خطة شاملة لإعادة هيكلة قطاع الطاقة، بما في ذلك إنشاء شركة مشتركة باسم “سيري يوإس إنرجي” بالشراكة مع كيانات أميركية. تتوزع الخطة على مراحل متعددة، بدءًا من استعادة الأصول وتأهيلها وصولًا إلى التصدير والانخراط في مشروعات إقليمية. تأمل الحكومة في خلق بيئة طاقة مستدامة تضمن توفير الوقود والكهرباء للمواطنين مع تحقيق إيرادات كافية لدعم جهود الإعمار.
تتطلب هذه الخطط الطموحة تحقيق الاستقرار القانوني والمؤسساتي لجذب الاستثمارات اللازمة، حيث تكون إزالة العقبات السياسية واللوجستية أمرًا حاسمًا. في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، قد تُتاح لسوريا فرصة استثمار مواردها الطبيعية وتعزيز أمنها الطاقي واقتصادها الوطني، مما يمكنها من العودة كلاعب فعال في سوق الطاقة. وإذا تم تنفيذ هذه الخطط الشرقية وفق رؤية شاملة، فإن دمشق قد تتحول إلى نقطة محورية جديدة في معادلة الغاز في شرق المتوسط، مما سيوفر دعمًا ماليًا وتقنيًا يعيد بناء قطاع الطاقة على أسس حديثة ومستدامة.
اترك تعليقاً