إمام الحرم الشيخ محمد بن عبد الله السبيل
في صمت عرفات وهدوء الحرم، كان صوت الشيخ محمد بن عبد الله السبيل يتعالى بآيات القرآن، موجهًا الحجيج نحو السكينة والطمأنينة. لم يكن مجرد إمام بل كان شعلة من الإلهام في تاريخ الحج الحديث، يُقاس تأثيره بعمق وقع صوته في النفوس بدلاً من طول سنوات خدمته. وُلد في البكيرية عام 1345هـ، وارتبط بتعاليم القرآن وعلم الدين منذ صغره، حتى أصبح رمزًا يُذكر في حلقات التفسير ومنابر الدعوة. شاءت الأقدار أن يُنتدب لإمامة المسجد الحرام لمدة تجاوزت الأربعين عامًا، حيث من فوق منبره عرف الحجاج صوتاً هادئاً وقويًا، لا يتأثر بالمظاهر ولا يضعفه التعب.
قائد روحي للحجاج
شغل الشيخ السبيل دور إمام صلاة عرفة، وكان ملازمًا لكبار العلماء في تنظيم الدروس والإفتاء، ومساهمًا في التوجيه والتأليف. لكنه، فضلاً عن ذلك، كان رمزًا للطمأنينة في أبرز مواسم العبادة. من محراب الحرم المكي إلى عرفة، ظل صوت الشيخ السبيل حاضراً في ذاكرتهم، ومعلمًا في قلوب الكثيرين، حيث أثرى نفوس الحجيج بعلمه وروحه الهادئة. لم تقتصر إرثه على دوره كإمام، بل امتدت لتثمر جيلاً من القراء والعلماء الذين تشهد لهم مكة، وتفتخر بهم الأمة.
رحل الشيخ محمد بن عبد الله السبيل في 17 ديسمبر 2012، ولكنه لم يغب عن ذاكرة الحرمين الشريفين. تبقى ذكراه حية في قلوب الحجيج، وترك أثره في مسيرة الحج، مؤكدًا أن الإيمان والعلم يمكن أن يكونا مصدر إلهام وعزيمة في أسمى مواسم العبادة. إن حضور الشيخ في تلك اللحظات المباركة يعكس مدى تأثير الصوت القوي الذي يعزز من روحانية الحجاج ويعيد إليهم راحة البال، مستمرًا في كتابة تاريخ لا يمحى في ذاكرة الوطن والعالم الإسلامي.
اترك تعليقاً