مدينة الـ 12 ساعة تستقطب الملايين في السعودية

مشعر عرفات: نقطة التقاء الحجاج

يعتبر مشعر عرفات منطقة فريدة من نوعها، إذ تفتقر إلى السكان طوال العام، ومع ذلك، تستقبل في يوم واحد أكثر من 2.5 مليون حاج من مختلف أنحاء العالم، يمثلون أكثر من 100 جنسية. يظل هؤلاء الحجاج في المشعر لأقل من 12 ساعة، حيث يتحول من مكان خالٍ من السكن إلى مدينة نابضة بالحياة تمتلئ بالزوار والعاملين، ما يضاف إلى تاريخه ومعناه العظيم في مناسك الحج.

عرفات: المكان المقدس لحجاج بيت الله

تتعرّض منطقة عرفات لمجموعة من التغييرات اليومية، حيث تُحاط بالجبال وتدلّ أفقها بوجود وادي عرنة إلى جانبها. بالرغم من الجهود الكبيرة المبذولة في تهيئة المكان لاستقبال الحجاج، إلا أن الساعات التي يقضيها زوار المكان تتسم بالقصَر، حيث تعود المنطقة بعد انتهاء اليوم إلى وضعها الأصلي كمنطقة خالية من السكان، وهذا ما يجعلها واحدة من أبرز المشاعر المقدسة في الحج.

تعتبر وقفة عرفات، التي تُقام في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، هي المرحلة الأهم ضمن مناسك الحج، حيث يتجه إليها الحجاج بين فجر ومغرب ذلك اليوم، وقد أطلق عليها لقب “يوم الحج الأعظم”. وعلى الرغم من ضيق الوقت الذي يقضيه الحجاج في ذلك المكان، إلا أن التجربة الروحية والمعنوية التي يعيشها الحجاج تضفي على هذه الساعات القليلة عمقاً لا يُنسى، مما يعزز الروابط بين المسلمين في كل أنحاء المعمورة. تمثل المنطقة بشكل رمزي المرحلة الفاصلة بين التحول الروحي والمعنوي خلال بيعة الحج، حيث تُعزِّز الممارسات الروحية الجانب الاجتماعي بين زوار بيت الله، وتجسد وحدة المسلمين في مكان واحد.

تتواجد في عرفات عدة مرافق حكومية مخصصة لخدمة ضيوف الرحمن، مما يسهل عليهم أداء مناسكهم في هذا المشعر المقدس. إن تنوع الحجاج واحتشادهم في هذا الموقع الشاهق يُظهر قوة التضامن بين المسلمين، وهو تجسيد حي لقيم الوحدة والمشاركة التي يُعززها الحج. بعد انتهاء يوم الوقفة، تعود عرفات للمشهد الطبيعي من السكينة والهدوء، لتظل محط أنظار المسلمين الذين يحلمون بالعودة إلى هذه الأرض المباركة في مواسم قادمة.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *