أزمة الأطفال في عصر المحتوى الرقمي
في زمن الشاشات المتقدمة، أصبحت الطفولة ليست مجرد مرحلة عابرة بل تحولت إلى “منتج رقمي”، يتمتع بمتابعة ملايين الأشخاص ويحقق عوائد ضخمة للعائلات والمنصات الإعلانية. ومع ذلك، فإن تواجد الأطفال بكثرة على منصات التواصل يثير تساؤلات أخلاقية وقانونية عديدة: هل نحن أمام جيل جديد من “النجوم القُصّر” بلا حماية؟ ومن يتولى الدفاع عن براءتهم من الاستغلال؟ وقد أظهرت دراسات محلية ارتفاعاً كبيراً في عدد الأطفال المؤثرين في السعودية بنسبة تجاوزت 45% خلال ثلاث سنوات، في حين تصل بعض أرباحهم الشهرية إلى أكثر من 100 ألف ريال.
التحديات القانونية والأخلاقية للأطفال المؤثرين
تشير دراسة اجتماعية حديثة إلى أن 60% من الأطفال المؤثرين يتعرضون لضغوط أسرية تتعلق بالتفاعل المستمر مع المتابعين، دون وجود دعم نفسي أو قانوني كافٍ. كما كشفت دراسة أمريكية أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 17 عاماً يساعدون في توليد نحو 11 مليار دولار من عائدات الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي، بينما تحقق بعض الأطفال أرباحاً تصل إلى 26 مليون دولار سنوياً. في هذا السياق، أظهرت دراسة قام بها باحثون في جامعة كاليفورنيا أن الأطفال المشاركين في المحتوى الرقمي بانتظام يفتقرون إلى الحماية القانونية، مما يعرضهم للاستغلال المالي والنفسي.
وتقول المستشارة القانونية هيا السليمان إنه من الضروري وجود تشريع يتناول ظهور الأطفال في المحتوى الرقمي، حيث أن غياب الرقابة بهذا الشأن يمثل ثغرة قانونية وتربوية. كما أظهرت دراسة من جامعة إلينوي أن 47% من الأطفال الذين يتواجدون في منصات المحتوى يشعرون باضطرابات سلوكية نتيجة الضغط المستمر. وتؤكد السليمان ضرورة وضع لوائح تنظم حقوق الأطفال المؤثرين وضمان أمانهم النفسي.
المحامي سلمان الرمالي يشدد على الحاجة الملحة لإصدار تشريع خاص بالأطفال المؤثرين، يتضمن ضوابط مثل إنشاء حسابات استثمارية بأسمائهم وتحديد ساعات ظهورهم تحت إشراف نفسي واجتماعي. إذ ينبغي علينا أن نتجنب تحويل الأطفال إلى أدوات للربح دون حماية قانونية، لأنها تمثل أزمة تربوية واجتماعية تتطلب تدخلاً سريعاً.
فينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي قد يتعرض لها الأطفال الذين يظهرون بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يجب أن نعمل على تعزيز مفهوم الطفولة كمرحلة للتطور والنمو وليس كمجال لتحقيق الربح، ويجب تسليط ضوء على أهمية وجود دعم أسري وتربوي قوي لحماية حقوق الأطفال في المجتمع الرقمي.
اترك تعليقاً