فقدان المهندس عبدالصمد ساعاتي
في رحيل المهندس عبدالصمد ساعاتي، لا نفقد مجرد رجل وجيه، بل نخسر روحًا كانت تضيء زوايا الإبداع السعودي بالحب الخالص والاحتفاء الصادق. لقد كانت يده تمتد بسخاء لتحتضن المبدعين دون محسوبيات أو تصنيفات، وتمنحهم ما لا تقدمه المسارح الكبرى والقاعات الرسمية من الاحترام والتقدير.
اللحظات الإبداعية في مجلسه
كان مجلس المهندس عبدالصمد أكثر من مجرد مكان، بل كانت له سمة الصالون الفني والإنساني، حيث يحتضن الإبداع في أبسط صوره وأعمق معانيه. جلس فيه الرواد وتحت سقفه تلاقت المواهب من عازفين ومطربين وملحنين وإعلاميين، لا بدافع الشهرة أو المصالح، بل بدافع الاحترام الذي يغرسه وجوده بينهم، وكان دائم السؤال لكل مبدع: ماذا تحتاج لتزهر وتحقق ما بداخلك؟
لم يكن المهندس عبدالصمد يسعى للأضواء لنفسه، بل كان يضيء الطريق للآخرين. في كل لقاء فني كان يحرص على التقدير أكثر من التصفيق، مشددًا على أهمية تكريم الإنسان قبل الفنان، وتجسيد ما لا تكتبه العروض الكبرى من لحظات جميلة تبقى في الذاكرة.
لقد منح إبداعه من قلبه ومن وقته، ورافق العديد من المبدعين بدور الصديق والأخ والداعم. لم يكن يتعالى عليهم، بل كان بينهم يتشارك معهم المحبة ويفوقهم وفاءً وإخلاصًا.
هو واحد من أولئك الأشخاص الذين يغادروننا دون ضجيج، لكن تظل صدقهم وطيب معدنهم تجسدهم في قلوبنا. رحم الله المهندس عبدالصمد، فقد كانت أسئلته تتسم باللطف وتبث الجمال في الشخصية من حوله. لم يكن كثير الكلام، ولكنه عندما يتحدث يشد انتباه الجميع، وعندما تسأله، تشعر أنه يستمع بانتباه لما بين السطور. كان مزيجًا نادرًا من التهذيب والفطنة والذوق الرفيع. إن فقده خسارة حقيقية، ورحيله مؤلم لكل من عرفه وعرف عمق معدنه ونبل سريرته.
اترك تعليقاً