الدور السعودي في المعادلة الإقليمية الجديدة
تشهد الساحة الإقليمية تحولات رئيسة تنبثق من التغيرات السريعة والصراعات منذ بداية أكتوبر 2023، مما يشير إلى نشوء معادلة قوى جديدة في الشرق الأوسط. لم تعد هذه المعادلة مقتصرة على القوى الإقليمية الرئيسية الثلاث: إسرائيل وتركيا وإيران، بل توسعت لتشمل المملكة العربية السعودية كقطب عربي بارز. لقد أصبحت السعودية اليوم أحد اللاعبين الرئيسيين على الساحة الدولية والإقليمية، حيث تتعزز قدرتها في إعادة تشكيل التوازنات وفقًا لمصالحها وأهدافها الاستراتيجية.
في إطار جهود إعادة التركيب الإقليمي، تتميز السعودية بدورها كقوة توازن ولعب دور أساسي في إعادة تنظيم الأوضاع العربية، بدءًا من بلاد الشام. كما تستمر المملكة في دعم القضية الفلسطينية وتوفير الدعم اللازم للوضعين الجديدين في سوريا ولبنان، محمية برؤية 2030 التي تسعى لتحقيق الاستقرار الإقليمي والازدهار بعيدًا عن الصراعات والأيديولوجيات السلبية.
الصعود السعودي ودوره التاريخي
على مدى العقد الماضي، تبنت المملكة العربية السعودية استراتيجية ترتكز على “رؤية 2020-2030″، مما سمح لها بالخروج من المحاور الإقليمية السائدة وإقامة علاقات جديدة مع دول مثل تركيا وإيران تحت رعاية الصين. أدى هذا التوجه إلى تعزيز القيادة السعودية من خلال الاستفادة من موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية وتأريخها الغني.
علاوة على ذلك، استغلّت السعودية علاقاتها مع مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة إلى علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. وتوسعت هذه العلاقات لتشمل الدول الأوروبية والآسيوية، مما وفر لها مرونة في التعامل مع الأوضاع الإقليمية والدولية.
مع تطور الأحداث بدءًا من الاتفاق السعودي-الإيراني في مارس 2023 وما تلاه من أحداث بعد السابع من أكتوبر 2023، برزت مرونة الدبلوماسية السعودية وقدرتها على التكيف مع المتغيرات. من الواضح أن استعادة الاستقرار الإقليمي يمثّل أولوية قصوى بالنسبة للرياض، بينما تبقى رؤية 2030 محور اهتمامها في التنويع الاقتصادي والتحديث.
لتحقيق هذه الأهداف، لا تزال السعودية منفتحة على التعاون مع الولايات المتحدة بشأن التطبيع المحتمل مع إسرائيل، بشرط أن يكون ذلك مرتبطًا برؤية واضحة لحل الدولتين وتحقيق العدالة للفلسطينيين.
اترك تعليقاً