التوترات العسكرية في طرابلس
تشهد العاصمة الليبية طرابلس تصاعدًا في التوتر العسكري نتيجة التحشيدات المتبادلة بين عدة تشكيلات مسلحة. خلال الأيام الأخيرة، زادت حركة الآليات الثقيلة وانتشار السيارات المسلحة في مناطق حيوية بالمدينة، مما أثار القلق من احتمال حدوث مواجهات جديدة، خاصة في غياب توافق سياسي واضح وتزايد الصراع على النفوذ والموارد.
الصراعات المسلحة وانعكاساتها
يرى الأكاديمي والمحلل السياسي إلياس الباروني أن التحركات العسكرية الأخيرة تعكس حالة الانفلات الأمني المستمر في ليبيا. المواطنون يعانون من استمرار الأزمات نتيجة فشل الحكومات في مواجهة التشكيلات المسلحة وضمان حقوق المدنيين. الحكومة الحالية، حكومة الوحدة الوطنية، حاولت اتخاذ خطوات لإنهاء هذه الوضعية، لكنها لم تكن كافية، ولا تزال هذه التشكيلات تمثل تهديدًا مباشرًا لمؤسسات الدولة.
ويضيف الباروني أن تشكيلات المسلحة هذه تعمل مع تجاوز سلطاتها للسلطات الشرعية، وتحاول الحكومة تأسيس جيش وطني يمكنه فرض السيطرة لكن ذلك يصطدم بواقع معقد تعيشه البلاد. الانقسام السياسي بين الحكومتين في الشرق والغرب يعقد الوضع، وتتنافس التشكيلات المسلحة على المواقع الاستراتيجية لضمان مصادر تمويل تعزز قوتها.
هذه التحركات العسكرية تأتي كرسائل قوة، سواء من الحكومة أو التشكيلات نفسها، لكن الخطر قائم على المدنيين مع تصاعد الخطاب التحريضي وظهور نقاط تفتيش فعلية وإخلاء مقار أمنية. حكومة الوحدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تواجه تحديات كبيرة حيث تعتمد على بعض التشكيلات المسلحة للحماية، لكنها غير قادرة على فرض السيطرة.
سكان طرابلس يعيشون في حالة قلق في ظل غياب الضمانات لتجنب الاشتباكات، ومؤشرات الركود الاقتصادي تلقي بظلالها على الحالة الأمنية. ليبيا لا زالت تدفع ثمن غياب الدولة المركزية وضعف مؤسساتها الأمنية، ما يستدعي ضرورة العمل على خطة شاملة لإنهاء الانقسام السياسي وتفكيك التشكيلات المسلحة. غياب الأسس السياسية والأمنية المدعومة دوليًا يزيد من تعقيد المشهد.
من ناحية أخرى، يشير المحلل السياسي معتصم الشاعري إلى أن التوترات في طرابلس تأتي ضمن ترتيبات عسكرية يشرف عليها المجلس الرئاسي. ورغم التحركات العسكرية، لا توجد دلائل واضحة على وجود نية للاشتباك، مما يدل على حالة الترقب بين جميع الأطراف. الحكومة تسعى للحفاظ على الاستقرار ولكنها تحتاج إلى مبادرات أكثر فعالية لاحتواء الأزمة بشكل شامل، والعمل على رفع مستوى الأمان وتحقيق الهدوء في المدينة. القلق الشعبي يتزايد مع كل عملية تحشيد عسكري، مما يثير المخاوف من تكرار السيناريوهات العنيفة السابقة التي شهدها سكان طرابلس. أي صدام جديد يحمل تداعيات كبيرة على البلاد بأسرها.
اترك تعليقاً