موقع الفاية في الشارقة ينضم إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو في 2025

الفاية: موقع تراث عالمي في الشارقة

أعلنت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو، خلال دورتها السابعة والأربعين المنعقدة في باريس، إدراج موقع “الفاية” الأثري في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة على قائمة التراث العالمي، ليصبح الموقع العربي الوحيد الذي حصل على هذا التصنيف الدولي الرفيع في العام الجاري، مما يعكس قيمته العالمية الاستثنائية وأهميته في تاريخ الحضارة الإنسانية.

موقع الفاية: شاهد على التاريخ البشري المبكر

يمتاز موقع “الفاية” بأهميته في توثيق تاريخ الوجود البشري المبكر في البيئات الصحراوية، حيث يكشف عن دلائل لنشاط بشري يعود لأكثر من 210 آلاف عام، مما يجعله أحد أقدم الشواهد على تكيف البشر مع البيئات القاسية. ويؤكد إدراج “الفاية” على قائمة التراث العالمي دور شبه الجزيرة العربية الحيوي في مسارات هجرة الإنسان واستقراره، ويشكل نقطة محورية في دراسة تطور الإنسان عبر العصور.

اعتبر إدراج “الفاية” علامة فارقة في التراث الثقافي لدولة الإمارات، كونه الموقع الثاني في البلاد الذي ينال هذا الاعتراف بعد “مواقع العين الثقافية” المُدرجة عام 2011. ويأتي تصنيف “الفاية” ضمن فئة “المناظر الثقافية” ليبرز مكانته الفريدة في الأبحاث المتعلقة بعصور ما قبل التاريخ، ودوره في تعزيز الفهم للتحولات المبكرة في حياة البشر في المناطق الجافة.

تحمل قائمة التراث العالمي حاليًا 1226 موقعًا ذي قيمة عالمية استثنائية، منها 955 موقعًا ثقافيًا، و231 طبيعيًا، و40 مختلطًا، موزعة على 168 دولة، في حين أن عدد مواقع التراث العالمي في الدول العربية حتى اليوم يبلغ 96 موقعًا في 18 دولة.

على مدار أكثر من ثلاثين عامًا، قامت هيئة الشارقة للآثار بتنفيذ برنامج بحثي مكثف في موقع “الفاية” بالتعاون مع مؤسسات علمية مرموقة، مثل جامعة توبنجن الألمانية وجامعة أوكسفورد بروكس البريطانية. وأسفرت هذه الشراكات الأكاديمية عن الكشف عن 18 طبقة أثرية توثق مراحل متعددة من الوجود البشري في المنطقة، وتقدم أدلة نوعية غيرت من كيفية فهم أنماط الهجرة البشرية والاستيطان في شبه الجزيرة العربية.

يعد “الفاية” الموقع الصحراوي الأول الذي يُوثق لحقبة العصر الحجري المسجلة كتراث عالمي، مما يجعله علامة فارقة في فهم تطور الإنسان، إذ تغطي الصحارى نحو 20% من المواطن البيئية على سطح الأرض، وتحتل مواقع حيوية على خريطة استيطان الإنسان.

يعكس هذا الإدراج التاريخي الجهود المستمرة التي تبذلها دولة الإمارات وإمارة الشارقة في صون التراث الإنساني، ويؤكد التزام الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، على مدى عقود بدعم البحث العلمي وحفظ التراث الثقافي.

نيابة عن دولة الإمارات وإمارة الشارقة، أعربت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، عن شكرها للجنة التراث العالمي على هذا الاعتراف التاريخي، مؤكدةً أن قصة “الفاية” تشكل جزءًا أصيلاً من الحكاية الإنسانية. وأكدت أن إدراج “الفاية” يعزز إسهام الشارقة في كونها مهدًا للتاريخ البشري المبكر، ويفصح عن دور شبه الجزيرة العربية في رحلة الإنسان للخروج من إفريقيا.

بالإضافة إلى ذلك، قال عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، إن إدراج “الفاية” يعد شهادة على ملكية التراث العالمي للبشرية جمعاء. وقد عملت الشارقة على إعداد ملف الترشيح الرسمي لـ “الفاية” للتسجيل في قائمة اليونسكو بعد 12 عامًا من التحضير والترتيب، مدعومًا بعقود من التنقيب والدراسات البيئية.

تؤكد دولة الإمارات وإمارة الشارقة التزامهما بخطة شاملة لإدارة وصون موقع الفاية من 2024 حتى 2030، مع تركيز على الحفاظ على قيمته العالمية وتعزيز البحث والتعليم والسياحة المستدامة، ما يجعل الفاية مثالًا حيًا للتوازن بين التراث والاستكشاف العلمي.

يعد مفهوم التراث العالمي فريدًا بفضل شموليته، إذ إن المواقع المدرجة في القائمة ليست مملوكة لدولة معينة، بل تنتمي لجميع شعوب العالم، مما يبرز قيم التضامن الإنساني والتبادل الثقافي.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *