ومع هؤلاء المحللين، نجد المسؤولين الذين وصلوا إلى مناصبهم بفضل المحسوبيات، ولم يتقدموا إلى تلك المواقع بناءً على الكفاءة أو الخبرة، بل لتلبية مصالح خاصة، ليعود الوطن بالكثير من التكاليف والرواتب المرتفعة لشريحة من الناس لا ترى الوطن إلا كخزينة مفتوحة، ولا تعتني بالمواطن إلا كرقم يتواجد في سجلات الضرائب. هؤلاء المسؤولون يتخذون قرارات تضر بالطرف الأضعف، بينما يستمرون في خططهم لعقد المؤتمرات وسفراتهم وامتيازاتهم، مهاراتهم الوحيدة تكمن في تكديس الملفات الفارغة وكتابة تقارير مزخرفة، فيما تظل قضايا المواطن البسيط بعيداً عن اهتمامهم.
ما زلنا نسمع صرخات الأحزاب ونرى برامجهما الفارغة، فأين هي تلك الأفكار المبتكرة التي وعدوا بها؟ أين الجهود الحقيقية التي لا تظهر إلا قبل الانتخابات؟ جميعهم يتطلعون للمستقبل، ولكن لا أحد يجرؤ على اتخاذ خطوة جدية للخروج من حالة الانسداد التي نعيشها منذ سنوات. الوطن اليوم يتطلب نوعًا مختلفًا من التفكير، عقولاً قادرة على الإدارة والإبداع، قادرة على إعادة الروح للزراعة والصناعة، تأمين فرص للشباب لا تعتمد على الجباية بل على الإنتاج.
نحتاج إلى دعم البحث العلمي وتوجيه التمويل نحو المشاريع الناشئة، إلى محاربة الفساد بكافة أشكاله، وإلى خطط تشغيل حقيقية تساهم في تعزيز مكانة الشباب. كذلك، يجب علينا إصلاح التعليم ليكون قادراً على إعداد جيل مبتكر لا ينتظر الوظائف الحكومية. ينبغي أن تكون هناك شراكة حقيقية بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بدلاً من الاعتماد على المحللين الذين يبيعون لنا وعوداً براقه وأحاديث رنانة.
التغيير لا يحتاج فقط إلى خطابات، بل إلى أفعال واقعية. الوطن بحاجة إلى قادة يبتكرون الحلول من داخل معاناة الناس، بدلاً من التنظير من مكاتبهم الوثيرة. فالتغيير الحقيقي يتطلب الجرأة والشجاعة لتحقيق تقدم ملموس. الخلاص ليس في التحليل فحسب، بل في الأفعال التي تحقق ما يحتاجه الوطن والمواطن في هذه الأوقات العصيبة.
اترك تعليقاً