غزة: مفتاح الحلول والأزمات في المنطقة
كيف استطاع الشريط الساحلي الضيق في غزة أن يصبح محط الأنظار كحل للأزمات وأداة للصراعات في المنطقة؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب النظر في سؤالٍ أعمق: كيف قام بعض المستفيدين بتحويل القضية الفلسطينية من قضية وطنية إلى مجرد وسيلة للتربح السياسي والمالي؟ على مدى أكثر من ثمانين عاماً، كانت القضية الفلسطينية مجالاً للمزايدين والمتربحين، وفي النهاية، تحولت إلى أداة في يد بعض الذين أساءوا استخدام السلاح، مما أضر بفلسطين والعالم العربي دون أن يحققوا شيئاً للشعب الفلسطيني.
القضية الفلسطينية كأداة للمتاجرة السياسية
إذا كنت ترغب في توجيه انتقادات لدول الخليج، يكفي أن تعلن في خطاب شعبي دعمك لفلسطين وتتهم الخليجيين بالتقاعس عن مكافحة الاحتلال. إنها معادلة بسيطة تضمن لك الحضور الإعلامي، لكن الخسارة في النهاية هي بضع بطاريات وبضعة أوراق مكتوبة بأقلام الكتّاب المعروفين. على مر العقود الماضية، تقلصت فلسطين حتى أصبحت تتمحور حول غزة، بعد أن تحول بعض العرب -سياسيين ومثقفين- إلى تجار للقضية. وظل الغربيون يستغلون هذه القضية لأغراضهم الخاصة، حتى أصبحت فلسطين مجرد نقطة أمنية في رفح.
إن غزة اليوم ليست مجرد مكان، بل هي مصنع للإنتاج الدموي، حيث تستمر الدماء في التدفق لأغراض سياسية واقتصادية. لكن ماذا سيحدث إذا فاجأنا الغد بانتهاء المعارك في غزة؟ هل سيكون هناك مشروع سلام؟ أم هل سنشهد تجدد الصراعات؟ هل سيقبل المستفيدون من هذه الأزمة بالتخلي عن “كنز غزة”؟
تاريخ بيروت يجب أن يكون درساً واضحاً، فقد استُخدمت كعاصة لتصفية الخلافات، بينما كانت ضحيةً لصراعات القوى الإقليمية والدولية. اليوم، غزة تبدو كبديل مريح لنفس تلك القوى، لكن ذلك يتطلب مشروعية جديدة تجمع بين الفصائل المتنازعة. غزة تحتاج إلى إعادة بناء متميزة، تتمكن من استيعاب كافة الفئات وتسهم في إعادة تنظيم العلاقات بين القوى السياسية المختلفة. في النهاية، تبقى غزة تلك المدينة التي تشد الأنظار، مثلما كانت بيروت في الماضي، ومحط صراعات الأجيال المقبلة.
اترك تعليقاً