التنمية المستدامة والحفاظ على الحياة الفطرية في السعودية
لقد أجريتُ حواراً العام الماضي مع سعادة الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، الدكتور محمد علي قربان، نُشر في صحيفة المدينة المنورة. تمكن الدكتور قربان، بصفته عالماً مرموقاً في علوم البحار، من تسليط الضوء على التناغم بين جهود المركز وطموحات مبادرة السعودية الخضراء، التي أطلقها سمو ولي العهد في عام 2021. تهدف المبادرة إلى تفعيل دور مختلف فئات المجتمع في مجالات العمل المناخي والبيئي، وتحقيق رؤية المملكة في الوصول إلى حياد الكربون عبر تنفيذ نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، وتسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
إدارة بيئية متكاملة
لم تكن هذه المبادرة مجرد رؤية لبناء مستقبل أكثر استدامة، بل شكلت أساساً راسخاً لاتخاذ إجراءات فعلية في العمل المناخي والبيئي. وقد ظهر من خلال الحوار مع الرئيس التنفيذي عمق الرؤية الاستراتيجية للمركز ووضوح أهدافه التي تجسد هذه الرؤية المتميزة في خلق حياة فطرية وتنوع أحيائي ونظم بيئية مستدامة. لذا، لم يكن مفاجئاً أن تكون المبادرات البيئية للمركز جزءاً أساسياً من المبادرة الخضراء، حيث يركز على توسيع المناطق المحمية وتعزيز إدارتها بشكل فعال وعادل، بالإضافة إلى إعادة توطين الكائنات المهددة بالانقراض وتقييم البيئات البحرية والساحلية وإعادة تأهيل المنظومات المتضررة.
يتماشى هذا النموذج البيئي التنموي بشكل كبير مع الإطار العام للمبادرة الخضراء، والتي تركز على تقليل الانبعاثات الكربونية وزيادة عمليات التشجير واستصلاح الأراضي عبر زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة. كما تسعى إلى إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي، وحماية 30% من المناطق البرية والبحرية بحلول 2030 من خلال مبادرات طموحة ترسم ملامح المستقبل.
لقد حقق مركز الحياة الفطرية العديد من البرامج الشاملة والمبادرات الفعالة، وقام بتنفيذ خطط متميزة للتصدي للتحديات التي تواجه الحياة الفطرية، بالتزامن مع تطوير أدوات متنوعة للحماية البيئية وتعزيز المشاركة المجتمعية. كما أولى المركز اهتماماً خاصاً لتحفيز البحث والابتكار، وتوسيع الشراكات المحلية والعالمية، مما يسهم في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للبيئة ورؤية المملكة 2030.
تعتبر إنجازات المركز في مجال حماية التنوع البيئي مصدر فخر، وقد حظيت العديد من المحميات الوطنية، مثل محميتي عروق بني معارض والوعول، بالتسجيل في القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، مما يعد مؤشراً على نجاح المركز في تحقيق أهداف المبادرة الخضراء.
أخيراً، تبرز محميات المملكة كوجهات سياحية مهمة غنية بالموارد الطبيعية، مما يدعم السياحة البيئية ويعزز من تجارب الزوار. تساهم هذه الجهود التعاونية في تعزيز جودة الحياة وبناء مستقبل مستدام، مما يرسخ التزام المملكة بحماية ثروتها الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.
اترك تعليقاً