اكتشاف جدران خارجية عمرها 4000 عام في الصحراء العربية
في قلب الصحراء العربية، نجح الباحثون في اكتشاف جدران خارجية تعود إلى 4000 عام كانت تُستخدم لحماية مستوطنات تعود إلى العصر البرونزي المبكر. تكشف الدراسة، التي قادها جيوم شارلو من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (CNRS)، عن الدور الذي لعبته هذه الواحات القديمة في تشكيل الحياة في شمال غرب المملكة العربية السعودية. وقد تم نشر النتائج في مجلة Antiquity.
لا تُعتبر هذه الأسوار مجرد هياكل دفاعية، بل هي جزء من نظام كبير يعرف بـ “مجمع الواحات المسورة”. كانت هذا الجدران المحصنة تحيط بمجتمعات بأسرها، مما يوفر الحماية للمنازل، ومصادر المياه، والأراضي الزراعية، والماشية. يُعتقد أن هذه الأسوار بُنيت بين عامي 2250 و1950 قبل الميلاد وفقًا لما ذكرته صحيفة “greekreporter”.
جدران مسورة قديمة
لم تكن الجدران مجرد وسيلة للدفاع فحسب، بل كانت، حسب أقوال شارلو، تمثل رمزًا للسلطة الاجتماعية والهيمنة. يتطلب بناء هذه المنشآت جهودًا هائلة من المجتمعات المحلية، وسعى السكان للحفاظ عليها بدقة لأكثر من أربعة آلاف عام.
بعض الواحات المسورة مثل تيماء والقرية كانت معروفة للباحثين لفترة طويلة. لكن بفضل استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل أدوات الأقمار الصناعية مثل جوجل إيرث وبينج، تمكن الباحثون مؤخرًا من تحديد أربع واحات جديدة وهي: دومة الجندل، وهيت، والحويط، وخيبر، حيث تم تأكيد هذه الاكتشافات من خلال زيارات ميدانية.
يُعتبر موقع خيبر، الذي تم التحقق منه مؤخرًا، من أبرز المواقع حيث يتميز بجدران خارجية تعود إلى حوالي 2000 قبل الميلاد. كما أن الحفريات في هذا الموقع كشفت عن فخاريات وهياكل جدران تشبه تلك الموجودة في المواقع القريبة مثل العين والطباق، الأمر الذي يدل على أن هذه البنايات تتشارك في نفس الحقبة الزمنية.
على الرغم من أن بناء الأسوار على نطاق واسع قد تراجع في العصور اللاحقة، إلا أن فكرة الحماية والاستحواذ على الأراضي ما زالت مستمرة. حتى في القرنين التاسع عشر والعشرين، تم إنشاء قرى محصنة في مختلف أنحاء المنطقة. تُظهر المخططات التاريخية للمدينة المنورة والمناطق الزراعية المغلقة في مدن مثل العلا كيفية تطور هذه العادة.
يؤكد فريق البحث أن هذه الأسوار لم تكن للدفاع فقط، بل ساعدت في تشكيل الديناميات السياسية والاجتماعية. وغالبًا ما كانت الواحات المحصنة تحت سيطرة سلطة حاكمة قامت بتصميم وبناء هذه الجدران، مما ساهم في تأسيس ممالك القوافل التي ازدهرت في شبه الجزيرة العربية خلال العصر الحديدي.
اترك تعليقاً