طلعت حرب باشا: رائد الابتكار في أجهزة الصراف الآلي من قلب القاهرة

ابتكار ماكينات الصراف الآلي من قلب القاهرة.. طلعت حرب باشا رائد الخزنة الليلية

في وسط شوارع القاهرة التاريخية، وتحديداً في شارع شريف، توجد قصة ريادية مصرية تسبق زمانها، تحمل في طياتها البدايات الأولى للتقنية الحديثة التي نعرفها اليوم بماكينات الصراف الآلي (ATM) المنتشرة حول العالم. يشهد التاريخ أن الرؤية النافذة للعبقري المصري محمد طلعت حرب باشا في عشرينيات القرن الماضي، عبر ابتكاره لفكرة “الخزنة الليلية”، كانت بمثابة الأساس الذي تم تأسيسه لظهور هذه التقنية المصرفية المتطورة.

رغم أن براءة الاختراع الأولى لماكينة الصراف الآلي بصورتها المعاصرة تعود لجون شيفرد بارون في الستينيات، إلا أن مفهوم الخزنة الليلية الذي ابتكره طلعت حرب باشا، والذي كان يهدف إلى تسهيل إيداع الأموال للعملاء بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية، يمثل بلا شك الجذور الأولى لهذا التطور الكبير.

تتحدث الحكايات عن مدى إلمام حرب باشا بالمعايير العالية والتكنولوجيا الحديثة، حيث يُقال إنه طلب تصنيع هذه الخزائن خصيصا من بريطانيا، لتصبح جزءًا جوهريًا من مبنى البنك، مما يعكس رؤيته العميقة واعتقاده بأهمية توفير حلول مبتكرة لعملائه.

عملت “الخزنة الليلية” بطريقة بسيطة وعملية، قريبة من المبدأ الأساسي الذي تعتمد عليه ماكينات الإيداع الحديثة:

  • مفتاح خاص: كان البنك يمنح كل عميل مفتاحًا خاصًا بالخزنة.
  • ظرف مخصص: يقوم العميل بوضع المبلغ الذي يرغب في إيداعه داخل ظرف خاص.
  • بيانات العميل: كان يتوجب على العميل تسجيل اسمه ورقم حسابه على الظرف لضمان تسجيل إيداعه بشكل صحيح.
  • نظام الإيداع: يتم إدخال الظرف من فتحة مخصصة في “الخزنة الليلية” يرتبط بها مباشرة خزنة البنك الرئيسية أو صندوق أمان داخلي.
  • التسوية الصباحية: وفي صباح اليوم التالي، يقوم موظفو البنك بفتح الخزنة، واستخراج الأظرف، ومراجعة المبالغ المدونة، ثم إدراجها في حسابات العملاء.

ومن بين الشخصيات البارزة التي استخدمت هذه الخزنة الليلية كانت سيدة الغناء العربي، أم كلثوم، مما يضيف طابعاً من الخصوصية والتاريخ على هذا الابتكار المصري.

إن الجهود المبكرة التي بذلها طلعت حرب باشا تعكس روح الإبداع والريادة التي لطالما تميزت بها مصر، حيث لا تزال شوارعها تروي قصصاً تلهم العالم بأسره. وقد انطلقت من قلب القاهرة الشرارة الأولى لفكرة غيرت مجرى التعاملات المصرفية، لتؤكد أن الإبداع يتجاوز حدود الزمان والمكان.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *