السعوديون: رُسُل التغيير في مستقبل الشرق الأوسط

السعوديون ومستقبل الشرق الأوسط

عادت الطائرات إلى مواقعها، ووضعت الخطط في الأدراج، بينما استبدلت الخرائط بطريقة تفقدها أهميتها. الانطباعات الناتجة عن صور الأقمار الصناعية تتباين بين السعادة لبعض والألم للآخرين. لقد تبخر حلم السنوات في طهران، وهذا يمثل ضربة موجعة وجرحًا عميقًا. قبل أيام قليلة، شهد العالم بدء سريان قرار وقف الحرب الذي أعلنته واشنطن. أشار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى نجاحه في تدمير برنامج إيران النووي وإيقاف القتال، مما جنّب المنطقة كارثة كبيرة.

الحقيقة أن ترامب يحب استخدام لغة الأنا في تصريحاته، وعلى الرغم من ذلك من المهم أن نلاحظ أنه أعلن عن وقف الحرب، وليس مجرد وقف إطلاق النار. فالأخير يعني إمكانية تجدد الصراع وفقًا للظروف، بينما الأول يتطلب تنازلات واضحة من الجانبين. هذه التصريحات تعكس هيمنة ترامب في فرض رؤيته على كل من إيران وإسرائيل.

للحديث عن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية في سياق سورية، نشير إلى زيارة المبعوث الأمريكي، توم بارك، إلى المملكة حيث اجتمع مع وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان لبحث دعم سورية الجديدة. هناك تزايد في التقارب السعودي الأمريكي حول الوضع السوري، إذ تسعى الرياض إلى استعادة عروبة سوريا وتحريرها من سيطرة النظام السابق.

السعودية تأمل في إخراج المقاتلين الأجانب، وهو ما يتوافق مع رغبة واشنطن. على الرغم من أن إدارة ترامب تميل إلى تلبية احتياجات المملكة، إلا أنها أيضًا تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، بما في ذلك ملء الفراغ الذي قد يتركه الروس في المنطقة.

التوافق السعودي الأمريكي

العلاقة بين الرياض وواشنطن تتجاوز الرغبات المشتركة. إذ تحتفل السعودية بإنجازاتها التنموية التي تعد نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، وهو ما أكده توم بارك في تصريحاته، مما يظهر اعترافًا سياسيًا بدور المملكة المحوري.

السعودية تسعى إلى تحقيق استقرار الطاقة وتوفير حياة كريمة لشعبها في سياق المنطقة الجغرافي المعقد. وهذا يقود إلى ضرورة تمسك الرياض بمعايير مستقرة لعلاقاتها مع أمريكا حتى في ظل التحديات التي واجهتها أثناء إدارة بايدن.

الصبر السعودي الاستراتيجي يشير إلى مرونة السياسة الخارجية للمملكة، حيث يمكنها التكيف مع أي حكومة، في الوقت الذي لا تزال فيه القوى التقليدية في المنطقة تواجه صعوبات. من الضروري أن تستمر أفكار التنمية الحديثة التي تتبناها السعودية في الانتشار، مما يسهم في تجاوز التخلف والرجعية التي تعاني منها بعض دول الشرق الأوسط.

إن التحديات القديمة لا يمكن تجاهلها. فالأمهات بحاجة لرؤية أبنائهن في الجامعات وليس محمولين على الأكتاف في النعوش. الأمر يتطلب تفكيرًا جديدًا وابتكارات لتعزيز الأمل وتنمية المنطقة، لكي يبدأ مستقبل الشرق الأوسط من السعودية كما أشار ذلك الزائر.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *