السعودية تتابع بقلق: مركز دولي يكشف تناقضات اتفاق وقف النار بين واشنطن والحوثيين وأجندات خفية خلفه

تناقضات الروايات الأميركية والحوثية حول اتفاق وقف إطلاق النار

كشف مركز أبحاث دولي متخصص في توثيق النزاعات المسلحة عن وجود تناقضات جوهرية بين الروايات الأميركية والحوثية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم بين الطرفين في مايو الماضي. وأشار إلى ما وصفه بـ”أجندات خفية” من الجانبين، مما يعكس أن الأزمة لا تزال بعيدة عن نهايتها. وفقاً لدراسة صادرة عن “مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة حول العالم” (ACLED)، تتضمن التصريحات الأميركية والحوثية بشأن التهدئة الأخيرة في البحر الأحمر تفاهمات غير معلنة وتقديرات سياسية معقدة.

تناولت الدراسة الإعلان المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترمب حول أن “الحوثيين لا يريدون القتال وقد استسلموا”، تلاه بيان رسمي من العاصمة العمانية مسقط يعلن التزام الطرفين بعدم استهداف بعضهما، بما في ذلك السفن الأميركية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. إلا أن الوقائع على الأرض سرعان ما كذّبت تلك المؤشرات، حيث استمر الحوثيون في إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل، كما أعلنوا عن ملحق “متحدٍ” للاتفاق يؤكد نيتهم في “نصرة غزة”، مما يقلل من أهمية الاتفاق الذي وصفه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بأنه “ملاحظة جانبية”.

اختلافات جوهرية في الاتفاقات

يظهر هذا التناقض وجود استراتيجية مزدوجة من الطرفين، حيث قدمت كل جهة روايتها الخاصة دون اتفاق على مضمون مشترك، في محاولة لاستثمار الاتفاق كغطاء سياسي لتثبيت مواقفها أو إعادة ترتيب تموضعها العسكري. كما ترى الدراسة أن ما يحدث في البحر الأحمر لا يمكن تلخيصه بجبهة صراع واحدة، بل يشمل ثلاث جبهات متداخلة: الحوثيون ضد إسرائيل، والحوثيون ضد الشحن التجاري، والحوثيون ضد الولايات المتحدة.

منذ تصاعد التوترات البحرية في أكتوبر 2023، وثق المشروع أكثر من 520 هجوماً نفذه الحوثيون استهدفت 176 سفينة تجارية على الأقل، إضافة إلى 155 هجوماً باتجاه إسرائيل. في المقابل، نفذت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 774 غارة جوية في إطار ردها، أوقعت 550 ضحية على الأقل، وفقاً للتقديرات المنشورة. وبالرغم من هذا التصعيد، أكدت الدراسة أن القدرات الهجومية للحوثيين لم تتآكل بشكل كبير، بل لا زال لديهم طائرات مسيرة وصواريخ قادرة على التأثير في ممرات التجارة الدولية.

ركزت الدراسة أيضاً على البعد السياسي للأزمة، مشيرة إلى أن خطاب “حرية الملاحة” الأميركي يقابله خطاب “نصرة غزة” الحوثي، بينما كلاهما يخفي مصالح استراتيجية براغماتية. وبالنظر إلى تعدد جبهات هذا الصراع، يتضح أنه لا تحكمه المبادئ بقدر ما تديره حسابات النفوذ والتأثير في منطقة شديدة الحساسية.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *