هل السفر إلى أراضٍ غريبة هروب من الوطن أم تكلفة باهظة للمغامرة؟

استكشاف الجمال المحلي

في كثير من الأحيان، يجد الفرد نفسه محاصرًا بين تطلعاته الحقيقية وعاداته المتكررة. نرى الكثيرين منا يندفعون وراء اللحظات نفسها عامًا تلو الآخر، نكرر الأنشطة ذاتها دون إدراك، نحجز التذاكر، نعد الحقائب، نسافر لنلتقط الصور العادية من نفس الزوايا، ثم نعود خاليي الوفاض، بعد أن ضيعنا موارد لا تعوض، سواء من الأموال أو الجهد والفرص التي كانت متاحة أمامنا. لماذا أصبح التفكير في مغادرة الوطن هو الخيار الأول للراحة؟ من قال إن السفر إلى الخارج هو السبيل الوحيد للتجديد؟ هل توقفنا يومًا للتفكير لماذا أصبح الصيف مرتبطًا بالمطارات وكأن البقاء خيار الضعفاء؟

يظل السفر إلى الخارج سنويًا حالة شائعة، حيث يتجه الكثير من الناس للخارج لأسباب اجتماعية أو لاستجابة لثقافة “الهروب الموسمي”، دون الاعتبار لقيمته الحقيقية. ومع ذلك، علينا أن نسأل: هل فقدنا تقديرما لدينا؟ أم أننا ببساطة لم ندرك ما حولنا بعد؟

استكشاف الوجهات المحلية

في عام 2024، استقطبت السعودية أكثر من 115.9 مليون سائح من الداخل والخارج، مع زيادة ملحوظة تقدر بـ 6% عن العام السابق. وقد أنفق السياح المحليون وحدهم 115.3 مليار ريال، بينما استقبلت المملكة 29.7 مليون زائر دولي أنفقوا 168.5 مليار ريال، مما يعكس ثقة متزايدة في التجربة السياحية المحلية. هذه الأرقام تؤكد أن رؤية السعودية 2030 ليست مجرد وعود بل واقع يتجسد في أحداث ملموسة تتطور على مدار السنوات.

تساهم رؤية السعودية 2030 في إعادة تشكيل الصورة السياحية للمملكة، حيث لم تعد تقتصر على تنوعها الجغرافي بل أصبحت تقدم تجربة سياحية متكاملة مدعومة بمبادرات مثل العُلا، أبها، والبوليفارد. كما لا يمكننا تجاهل الدور الكبير للسياحة الدينية، التي تبرز المملكة كمركز روحي يستقطب ملايين المسلمين حول العالم. وما زال التركيز على تحسين تجربة الحجاج والمعتمرين جزءًا من أولويات القيادة، مما يرفع من مستوى الخدمات ويعزز من التجربة الروحانية والثقافية للزوار.

بالطبع، يُعتبر السفر للأغراض العملية أو العلاجية ضرورة فعلية، لكن السفر الترفيهي، الذي يغلب عليه التكرار، يستدعي إعادة نظر. فبدلاً من الهروب بحثًا عن الطبيعة الخلابة، يجب أن نعيد النظر في جمال أماكن مثل أبها، الطائف، والباحة التي تقدم تنوعًا فريدًا في المناخ والطبيعة.

لذا، لم يعد هناك مبرر لإنفاق الأموال في الأسفار الخارجية. كل ما نحتاج إليه من جمال وهدوء هو هنا، في بلادنا التي نعرفها ونعرفها جيدًا. يجب علينا اكتشاف كنوز بلدنا من جديد، فدعم السياحة الداخلية ليس ترفًا بل هو واجب وطني يدفع بعجلة الاقتصاد للأمام، ويوفر فرص العمل، ويعزز من المنتج المحلي. فلنكن جزءًا نشطًا من هذه القصة الرائعة، ولنستثمر كل فرصة للسير في أرجاء وطننا الذي يصنع مستقبله.
لقد حان الوقت للعيش في جمال وطننا، ولنشعر بالأمان والراحة التي لا يمكن أن نجدها سوى هنا، حيث يكتب التاريخ الحديث.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *