الهوس المبكر بالجمال وتأثيره على الأطفال
حذّر أطباء ومتخصصون من تزايد ميل الأطفال لاستخدام مستحضرات التجميل ومنتجات العناية بالبشرة، حيث وصفوا هذه الظاهرة بـ«الهوس المبكر بالجمال»، الذي يؤدي إلى تأثيرات سلبية ليس فقط على البشرة، بل يمتد ليؤثر على التوازن النفسي للأطفال وهويتهم في مراحل النمو. وأكدوا أن هذا الاتجاه المتزايد يتغذى على «تريندات» تسويقية عبر منصات التواصل الاجتماعي، تقودها شركات تسعى لتحقيق الأرباح دون مراعاة للفئة العمرية المستهدفة أو المخاطر الصحية المحتملة.
القلق النفسي الناتج عن معايير الجمال
وذكر المتخصصون أن بعض الشركات تتجه لتخصيص أقسام لمنتجات تجميل مخصصة للأطفال تحتوي غالباً على مواد فعالة مثل الريتينول والأحماض المقشرة كالجلايكوليك، مما قد يؤدي إلى تضرر البشرة الحساسة للأطفال وظهور التهابات ومشكلات جلدية طويلة الأمد. وما هو أخطر هو التأثير النفسي لهذه المنتجات، إذ تبدأ الفتيات في ربط مظهرهن الخارجي بقيمتهن الذاتية، مما يعزز من ظهور الاضطرابات النفسية مثل انخفاض الثقة بالنفس والقلق والاكتئاب.
ودعا الممارسون النفسيون الآباء إلى توعية أطفالهم بأهمية العناية بالنفس من منطلق الصحة والراحة بدلاً من الاستجابة للضغوط التسويقية. كما طالبوا بفرض رقابة صارمة على تسويق مستحضرات التجميل للأطفال، للتأكد من خلوها من المواد الضارة. وركزوا على أهمية دور الأسرة في تعزيز الوعي حول هذا الأمر، مشددين على ضرورة تعليم الأطفال التفكير النقدي تجاه الرسائل التجارية، خاصة هذه التي تعرض معايير جمال غير واقعية.
في سياق متصل، أكد استشاري الأمراض الجلدية البروفيسور الدكتور إبراهيم كلداري أن شركات مستحضرات التجميل تستهدف الأطفال في الفئة العمرية من ثماني إلى عشر سنوات، دون مراعاة للنمو الجلدي والحساسية العالية لبشرتهم. وأوضح أن حاجات الأطفال الجلدية تتطلب استخدام منتجات خفيفة، مشيراً إلى أن المقشرات أو المستحضرات الكيمائية قد تسبب أضراراً مقلقة.
من جانبها، أوضحت أخصائية علم النفس السريري ريتا دحدل أن السلوكيات التي تظهر عند الأطفال لا تقتصر فقط على التأثيرات التجارية بل تمتد لتشمل دوافع نفسية تتعلق بالشعور بالاستقلال والهوية. وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا حيويًا في تغذية هذا السلوك، حيث تقدم الصورة النمطية للجمال كوسيلة للقبول الاجتماعي، مما قد يؤدي إلى عدم الرضا عن الذات.
وأشارت الأخصائية النفسية مرام المسلم إلى أن استخدام مستحضرات التجميل يمثل لدى بعض الأطفال وسيلة لتعزيز ذواتهم والانتماء لعالم الجمال، مما يعكس التأثر بالمحتوى الرقمي المروج عبر منصات التواصل. ولكن هذا الانجراف قد يؤدي لاحقًا إلى مشاعر قلق واضطرابات نفسية بسبب المعايير غير الواقعية المفروضة، مما قد يتطلب بعض الأطفال العلاج النفسي عندما لا يتمكنون من تحقيق تلك المعايير.
اترك تعليقاً