أظهر تقرير من صحيفة «نيويورك تايمز» أن نسبة العمال المهرة في الولايات المتحدة تتناقص باستمرار، مما يطرح تساؤلات حول قدرة البلاد على إعادة التصنيع المتقدم. ومع تقاعد العديد من العاملين الحاليين، تفتقر البلاد إلى العدد الكافي من الشباب لتولي هذه المواقع الوظيفية. وحسب مكتب إحصاءات العمل، فإن هناك حوالى 400,000 وظيفة شاغرة في قطاع التصنيع. وقد حذر الخبراء من أن هذه الفجوة ستتزايد إذا اضطرت الشركات للخفض من الاعتماد على التصنيع الخارجي والبدء في إنشاء المزيد من المصانع في الداخل.
تحديات نقص العمالة في الصناعة
ذكرت فيكتوريا بلوم، كبيرة الاقتصاديين في الجمعية الوطنية للمصنعين، أن جذب والاحتفاظ بالعمالة المؤهلة كانا من أكبر التحديات التي تواجه قطاع التصنيع الأمريكي منذ عام 2017. وعلى الرغم من أن المخاوف المتعلقة بالتجارة وارتفاع أسعار المواد الأولية أصبحت نوعا ما مسيطرة في الآونة الأخيرة، إلا أن نقص العمالة الماهرة لا يزال يمثل مشكلة مستمرة.
عوامل توسيع الفجوة
يعتقد رون هيترك، الاقتصادي في شركة “لايت كاست”، أن أحد التحديات يعود إلى الثقافة السلبية التي تم نشرها على مر الأجيال، حيث تم انتقاد الخيارات المهنية التي لا تتطلب الذهاب إلى الجامعة. وأشار إلى أننا كنا نروج لفكرة أن من لا يلتحق بالجامعة يعتبر فاشلاً، والآن علينا التعامل مع تداعيات هذا المفهوم. وعلى صعيد آخر، أدت السياسات الصارمة للهجرة التي تبنتها إدارة ترامب إلى فقدان مصدر هام للعمالة.
كما أن الكثير من الأمريكيين يتجنبون العمل في المصانع بسبب انخفاض الرواتب مقارنةً بوظائف قطاع الخدمات التي توفر دخلاً أفضل وجداول عمل مرنة. إضافةً إلى أن معظم الشركات اليوم تعتمد على تقنيات متقدمة تتطلب معرفة متخصصة، مما يجعل توظيف خريجي المدارس الثانوية من دون تدريب أمرًا يصعب تحقيقه، وهو ما لم يكن موجودًا في ذروة التصنيع.
في الوقت نفسه، هناك عدد كبير من خريجي الجامعات الذين يجدون أنفسهم دون وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم، مما يبرز الفجوة في المهارات المتاحة بالمقارنة مع الاحتياجات الحالية للمصانع، بالإضافة إلى تلك التي قد تظهر مع زيادة التصنيع محلياً.
لمواجهة تحديات نقص العمالة، أطلق تجمع قادة الأعمال الأمريكيين مبادرة تهدف إلى تدريب الجيل الجديد من العمال المهرة. وتتضمن خططهم مراجعة متطلبات الوظائف بحيث تكون أكثر تركيزًا على الخبرة العملية بدلاً من المؤهلات الجامعية، مع التركيز على جذب طلاب المرحلة الثانوية للحصول على تدريبات مهنية.
وأبرز ديفيد غيتلين، الرئيس التنفيذي لشركة Carrier Global، أن من بين كل 20 وظيفة متاحة، هناك متقدم مؤهل واحد فقط. ومع زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي، فإن الطلب على الفنيين في مختلف المجالات قد ارتفع بشكل ملحوظ. ويشير إلى أن الشركات بحاجة إلى جذب المزيد من المهنيين في الوقت الذي يتراجع فيه عدد الطلاب الملتحقين بالكليات التقنية.
كريس كاستنر، الرئيس التنفيذي لشركة HII، أكد على اتساع الفجوة بين المهارات المتاحة والمهارات المطلوبة، مشددًا على أن النظام التعليمي غالباً ما يتأخر في تلبية الاحتياجات السريعة لعالم التكنولوجيا. على الرغم من مبادرة إدارة ترامب التي تهدف إلى دمج برامج تدريب مهني ومنح مالية، يبقى الأمل في تخفيض الفجوة قائماً، مع القلق من نقص التمويل الذي قد يؤثر على هذه المبادرات.
اترك تعليقاً