في زمن تسيطر فيه مقاطع الفيديو السريعة والترفيه اللحظي على العالم الرقمي، أطلق “ترند الكركم” ثورة عالمية جلبت أسلوب الاكتشاف إلى المقدمة، حيث جمعت بين العلم والفن والدهشة في تجربة بسيطة محلية تتجاوز الحدود والثقافات.
ترند الكركم: تجربة تدهش ملايين
بدأت هذه الظاهرة بفيديو عفوي لطفل يضع كوب ماء فوق ضوء هاتفه المحمول، ثم يضيف الملح والكركم، ليتحول المشهد إلى عرض بصري سحري. خلال ساعات، انتشر الفيديو بسرعة كبيرة، وتفاعل معه المستخدمون الذين حاولوا تكرار التجربة بلمساتهم الخاصة من منازلهم ومدارسهم ومقاهيهم.
ظاهرة سحرية لم يسبق لها مثيل
التجربة لا تحتاج إلى أدوات معقدة؛ فهي تتطلب فقط كوب ماء وكمية من الملح والكركم وضوء الهاتف. عند إطفاء الأنوار في الغرفة، يظهر داخل الكوب وهج ضوئي مذهل يشبه انعكاسات الذهب، نتيجة لتفاعل الضوء مع الكركمين في الكركم، وهو مركب يشتت الضوء بشكل لافت. إضافة الملح تعزز من كثافة الماء وتساهم في تحسين تأثير الانكسار الضوئي، مما يحوّل التجربة إلى عرض علمي مصغر. هذه البساطة جعلت التجربة محط اهتمام جميع الأعمار، وحفزت ملايين الأشخاص على المشاركة والتفاعل.
ما يميّز ترند الكركم عن غيره من الظواهر الرقمية هو اعتماده على الفضول والتجربة المباشرة، وليس على مظهر خارجي أو تحدٍ غريب. ووصفه العديدون بأنه “لحظة دهشة نادرة”، واعتبره آخرون “عودة إلى متعة العلم الطفولي”، في زمن يمتلئ بصخب المحتوى السطحي.
تمدد الترند إلى المدارس والمراكز التعليمية، لا سيما في بلدان عربية مثل السعودية ومصر والإمارات، حيث بدأ المعلمون بتطبيق التجربة في دروس العلوم لتحفيز الأطفال على الاستفسار. أظهرت مقاطع الفيديو التي تُوثق تفاعل الطلبة حماسًا وغير معتاد واهتمامًا ملحوظًا بالمعلومات العلمية المرتبطة بالظاهرة.
أسفر التدفق المتزايد لموجة الترند إلى تجارب تعتمد على صبغات طبيعية أخرى، مثل كبسولات فيتامين B2 (الريبوفلافين) التي تُنتج ضوءًا أزرق عند إذابتها في الماء، مما أدى لظهور موجة جديدة من “التجارب العلمية المنزلية”.
تجاوز ترند الكركم الحدود الجغرافية، حيث انتشر من شوارع إسطنبول إلى أحياء القاهرة، وحتى المنازل في أوروبا، ليشارك في التجربة العديد من نجوم الفن والرياضة، مما أضفى طابعًا إبداعيًا جديدًا على الظاهرة.
تؤكد هذه الموجة أن الفضول لا يعرف قيودًا، وأن أبسط المواد الموجودة في مطبخنا يمكن أن تتحول إلى أدوات للدهشة. كما تسلط الضوء على أن العلم لا يتطلب دائمًا مختبرًا، بل يمكن أن يُبدأ من كوب ماء وضوء هاتف وملعقة من الكركم. والثابت أن ترند الكركم يحمل رسالة مفادها أن في عالم يزداد سرعته، لا يزال الناس يتوقون إلى لحظات حقيقية من الاكتشاف، وإلى لمسات من السحر التي تعيد إيقاظ حب التعلم والانبهار بداخلهم.
اترك تعليقاً