مدير “النقد الدولي”: 40% من سكان العالم يعيشون في دول تُخصص إنفاقها لخدمة الديون أكثر من التعليم والصحة

ديون القارة الأفريقية وتأثير العملات المحلية

شدد الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي والممثل عن الدول العربية وجزر المالديف ووزير المالية المصري السابق، على أن تراجع قيمة العملات المحلية كان العامل الرئيسي في زيادة ديون القارة الأفريقية بأكثر من 50% خلال العقد الماضي (2013-2023)، مما يستوجب الانتباه إلى المخاطر الناجمة عن تصاعد أعباء خدمة الديون على حساب أولويات التنمية الأساسية مثل التعليم والصحة.

العبء الاقتصادي وتحديات الدين العام

جاء ذلك خلال كلمته في مؤتمر «إدارة الدين العام في عالم متغير: استراتيجيات مستدامة لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية»، الذي نظمته المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع دائرة المالية المركزية بالشارقة، واستضافته تركيا بمشاركة رفيعة المستوى من قادة المؤسسات المالية وصنّاع القرار والخبراء الدوليين.

في عرضه التقديمي بعنوان «العوامل المؤثرة على استدامة الدين العام في ظل التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية والحلول الممكنة»، أوضح «معيط» أن الدين العام العالمي تضاعف منذ عام 2010 وبلغ 97 تريليون دولار في 2023، ومن المتوقع أن يقترب من 100% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030.

أشار إلى أن أكثر من 40% من سكان العالم يقيمون في دول تنفق على خدمة فوائد الديون أكثر مما تنفقه على التعليم أو الصحة، مما يضعف الموارد اللازمة لتلبية احتياجات التنمية الأساسية. كما لفت الانتباه إلى أن التقلبات الحادة في الأسواق العالمية تضيف المزيد من المخاطر والضغوط على الموارد العامة والنمو الاقتصادي في الدول النامية.

استعرض معيط أبرز المحركات الأساسية للدين العام، موضحًا أنها تشمل العوامل الاقتصادية الكلية والمالية والنقدية والديموغرافية، بالإضافة إلى الظروف العالمية والإقليمية والصدمات الخارجية. وأكد أن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، ومعدلات التضخم، وتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتقلبات أسعار الصرف، كلها تزيد من أعباء الدين العام، خصوصًا في الدول النامية.

وأبرز أهمية دور مؤسسات التمويل الدولية والبنوك متعددة الأطراف في دعم استدامة الدين العام من خلال تقديم أدوات تمويل مبتكرة وخفض تكاليف التمويل، بالإضافة إلى تفعيل أدوات تقليل المخاطر مثل الضمانات والتأمين على أدوات الدين، والحصول على تمويل بالعملات المحلية، ودعم تخفيض تكلفة التحوط ضد تقلبات أسعار الصرف والفائدة.

دعا إلى توسيع عمليات بنوك التنمية والمؤسسات المالية الدولية للعملات المحلية لتعزيز الاستثمارات المحلية، وإصلاح الإطار المشترك لمجموعة العشرين من خلال توسيع معايير الأهلية لإدراج الدول متوسطة الدخل التي تواجه صعوبات مالية في عمليات إعادة هيكلة الديون.

وأكد معيط أن ضمان استدامة الدين العام يتطلب العمل على ثلاثة محاور رئيسية: تنويع القاعدة الاقتصادية، وتعزيز دور القطاع الخاص، والاعتماد على الميكنة وبرامج الذكاء الاصطناعي وتقنيات البلوكتشين لزيادة الكفاءة والإنتاجية، مشددًا على ضرورة التعاون بين الحكومات ومؤسسات التمويل الدولية والجهات المعنية لتحقيق هذه الأهداف.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *