العالم يواجه مأزقاً خطيراً في حالة إغلاق مضيق هرمز: التوقعات الكارثية تلوح بالأفق

  قال الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي إن التوتر المتزايد بين إسرائيل وإيران أعاد مضيق هرمز إلى دائرة القلق الجيوسياسي، كمكان يحتمل أن يشهد تصعيدًا كبيرًا، مما يهدد بإعادة تشكيل ديناميات الاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة. وأوضح الشوبكي أن مضيق هرمز، الذي يفصل إيران عن الإمارات وسلطنة عُمان، يعد أحد أهم الممرات المائية في العالم، حيث تمر عبره يوميًا صادرات نفطية تزيد عن 16.5 مليون برميل، تمثل حوالي 40% من النفط المنقول بحرًا عالميًا. بالإضافة إلى ذلك، يتم نقل أكثر من 20% من تجارة الغاز الطبيعي المسال عبر هذا المضيق، بالإضافة إلى 22% من السلع الاستراتيجية الأساسية.

وأشار الشوبكي إلى أن الصين، بصفتها أكبر مستورد للنفط على مستوى العالم، تعتمد على هذا الممر لتأمين حوالي 5.5 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثل نصف احتياجاتها من النفط. كما تعتمد كل من كوريا الجنوبية واليابان والهند بشكل كبير على نفط وغاز الخليج في تغذية قطاعاتها الصناعية. وعلى الرغم من التهديدات الإيرانية بإغلاق المضيق، فإن إيران لا تزال تصدر نفطها عبره، إلى جانب صادراتها من ميناء جزيرة خرج ومحطة “جاسك”، بينما تستورد نحو ربع حاجتها من الغاز المسال من نفس المنطقة، مما يعكس الطبيعة المعقدة لهذا الملف.

وبين الشوبكي أن التهديدات الإيرانية لم تقتصر على مجرد التصريحات، إذ تأتي في إطار رد فعل على الغارات الإسرائيلية على منشآت عسكرية ونووية في إيران، حيث هددت طهران بإغلاق المضيق، مدعومة بتقارير عن امتلاكها حوالي 6000 لغم بحري وقدرتها على زرع 100 لغم يوميًا، مما يسمح لها نظريًا بتعطيل الملاحة في غضون 48 ساعة. هذا فضلاً عن وجود غواصات “كيلو” الإيرانية المناسبة لمهام التلغيم، حيث بدأت شركات التأمين بالفعل في رفع مستويات المخاطر المرتبطة بالعبور في هذا الممر الحيوي.

الشوبكي يحذر من تداعيات إغلاق مضيق هرمز

لفت الشوبكي إلى أنه في حال تحققت هذه التهديدات، فإن أسعار النفط قد ترتفع مباشرة فوق 100 دولار للبرميل، ومن الممكن أن تتجاوز 130 إلى 150 دولارًا إذا تزامن ذلك مع إغلاق مضيق باب المندب على يد الحوثيين كما حدث في السابق. ما يزيد الوضع خطورة هو أن المنطقة تُعتبر مصدرًا رئيسيًا للديزل المكرر، والذي يتم شحنه إلى أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية. وأي اضطراب في هذه الشحنات سيؤدي إلى ضغط كثيف على أسواق الوقود، خاصة الديزل، الذي شهد في الأسابيع الأخيرة زيادة ملحوظة في الأسعار.

وأوضح الشوبكي أن الغاز الطبيعي أيضًا سيكون في قلب الاضطراب، إذ أن أوروبا لا تزال تبحث عن بدائل للغاز الروسي وتستورد جزءًا كبيرًا من حاجتها من قطر. وتصاعدت أسعار الغاز عالميًا بنسبة حوالي 8% وسط توقعات باستمرار التقلبات إذا طال أمد الأزمة، خصوصًا مع دخول فصل الصيف وزيادة الطلب على الكهرباء.

واختتم الشوبكي بالقول إن الاضطراب في مضيق هرمز لن يقتصر فقط على تعطيل صادرات النفط والغاز، بل سيمتد ليخلق فوضى عميقة في النظام المالي العالمي. فارتفاع أسعار النفط قد يؤدي إلى موجة تضخمية واسعة، مما يقوض جهود البنوك المركزية، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في ضبط معدلات الفائدة والتعامل مع الركود التضخمي. وتوقع أن تواجه حركة السفن التجارية وشحنات الغذاء والسلع الصناعية اضطرابًا شديدًا، وسط توقعات بارتفاع تكاليف التأمين والشحن بأكثر من 300%.

سيكون على الولايات المتحدة، التي تحتفظ بأسطولها الخامس في البحرين، أن تتدخل لحماية حرية الملاحة، مما سيضع المجتمع الدولي أمام أزمة تتجاوز سوق الطاقة لتصل إلى عمق الاستقرار الجيوسياسي العالمي. وفي ظل هذا التهديد، بات العالم على مفترق طرق حقيقي في إدارة الصراع وأمن الطاقة العالمي، مما يستدعي تحركات دبلوماسية جدية وتنويع مصادر الإمداد لتجنب تكرار أزمات السبعينيات، ولكن في بيئة أكثر هشاشة وتعقيدًا.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *