التكامل المؤسسي في بيئة الاستثمار بالمملكة العربية السعودية
تتطلب التحولات الاقتصادية الكبيرة التي تمر بها المملكة العربية السعودية في إطار رؤية 2030 إنشاء بيئة تنظيمية تتسم بالتكامل والانسجام. تسعى وزارة الاستثمار جاهدة لجعل المملكة وجهة رائدة لاستقطاب رأس المال العالمي من خلال ترخيص مرن وحوافز استراتيجية، بينما تتولى وزارة التجارة مسؤولية تنظيم الأسواق والحفاظ على حقوق المستهلك. ورغم أن الأهداف العامة للوزارتين تتكامل، يتضح من الممارسات علي أرض الواقع وجود تداخلات تنظيمية قد تُربك المستثمرين وتحد من كفاءة المنظومة الاستثمارية.
التداخل التنظيمي والتحديات المتعلقة بالمستثمرين
تبدأ رحلة المستثمر بالعادة من وزارة الاستثمار، حيث يحصل على ترخيص الاستثمار، لكنه يجد نفسه مضطرًا بعد فترة للتعامل مع وزارة التجارة لاستخراج سجل تجاري. هذا التداخل غالبًا ما يعين المستثمرين على مواجهة اشتراطات متعارضة أو إجراءات متكررة، مما يؤخر بدء نشاطاتهم الاستثمارية. في بعض الأحيان يُظهر هذا التباين بشكل جلي في القطاعات الناشئة، حيث تلقت تشجيعًا من وزارة الاستثمار، في حين تقابل باشتراطات مشددة من وزارة التجارة.
في السياق ذاته، أعرب مجلس الشورى عن اهتمامه بهذا الموضوع فيما يتعلق بتداخل الاختصاصات بين الوزارتين، مؤكدًا على ضرورة تطوير نموذج مؤسسي أكثر تكاملًا. يتطلب الأمر التوجه نحو بناء هيئة عليا مستقلة تكون مرجعية للنظامات والسياسات المتعلقة بالاستثمارات، مما يعزز من كفاءة العملية الاستثمارية ويساعد في تقليل ما يعرف بـ”التكلفة غير المرئية”، التي قد تؤثر سلبًا على ترتيب المملكة في مؤشرات التنافسية.
على الرغم من أن كل وزارة تتولى مجموعة من المهام، إلا أن تداخل هذه الأدوار يقود العديد من المستثمرين لتجربة غير متماسكة أو واضحة. لضمان نجاح رؤية 2030 وتحقيق أهدافها، يجب العمل على إنشاء كيان تنسيقي أعلى يعزز من استقلالية القرار ويسرع من وتيرة العمل بين الوزارات. وبذلك تتحقق رؤية وطنية واحدة تنظم جهود كافة الجهات الحكومية وتضمن أن تكون تجربة المستثمر متكاملة ومرنة في الوقت نفسه.
اترك تعليقاً