من الواضح أنه لا مجال للحديث عن تطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا كما تخيله الأميركيون. ولكن يتعين على إسرائيل أن توضّح لأحمد الشرع أنه لن يُسمح له باستغلال أجواء المصالحة الأمريكية لتجاوز المصالح الحيوية لإسرائيل. الأحداث التي بدأت في بداية الأسبوع في جنوب هضبة الجولان توحي بخطر عودة الحاكم الشرعي ليكون زعيمًا لجبهة النصرة. المعلومات المتوفرة تشير إلى أن الصدامات الحالية في سوريا بين ميليشيات جهادية بدوية وميليشيات درزية، بينما النظام السوري لم يحاول وقفها، بل استفاد منها لتعزيز سلطته على الدروز السوريين.
الخلفية هنا تتمثل في جهود النظام السوري لتحقيق سيادته على كل الأراضي، بما فيها المناطق التي تسيطر عليها الأقليات القوية مثل الأكراد والعلويين والدروز. إلا أن تلك الجهود تواجه صعوبات في الوقت الحالي. فالجهاديون السنة الذين يسيطرون حاليًا على دمشق يعتبرون جميع هذه الأقليات كفرة، ويعتقدون بضرورة إخضاعهم وفرض الإسلام الأصولي عليهم. هذا هو السبب وراء عدم نجاح رجال وحدات الأمن العامة التابعة للنظام في فرض النظام بين البدو والدروز، بل على العكس، كان هناك تدهور كبير أعمال الذبح والإذلال التي تعرض لها الدروز.
منذ مايو الماضي، وقعت صدامات عدة بين رجال الأمن وميليشيات النظام وبين الدروز في السويداء وجرمانا. إذ حاولت قيادة الدروز التفاهم مع النظام، لكن ذلك الاتفاق لم يُكتب له النجاح، حيث لم يستطع النظام فرض سلطته على الجهاديين الذين يتعرضون للدروز. حاليًا، يستغل الجولاني ذريعة الميليشيات النشطة بين القبائل لإجبار الدروز على الاستسلام التام.
لاحظت إسرائيل تحركات الدبابات والمجنزرات التابعة للنظام تتجه نحو الجنوب، فأصدرت أوامر للجيش التدخل بطرق مدروسة، وبدلاً من الهجوم المباشر على القوافل، تم استخدام الطائرات المسيّرة لتعطيل التقدم نحو السويداء. ومع ذلك، استمر رجال الأمن في احتلال مناطق في السويداء، مما يشير إلى أن هيمنة النظام في دمشق لم تكن فعالة.
وفي ضوء ذلك، يُشير التقدير العسكري الإسرائيلي إلى ضرورة وضع الفرقة 98 في حالة تأهب استعدادًا لإمكانية تنفيذ عمليات برية في حال استمرار الاعتداءات. إن إسرائيل تواجه أحداثًا معقدة جدًا في شمالها، في لحظة حرجة تتعلق بالمعركة في غزة والتهديدات القادمة من الشمال.
اترك تعليقاً